إنّ امرأتين أتتا عليّا (ع) عند القسمة إحداهما من العرب والاخرى من الموالي ، فأعطى كلّ واحدة خمسة وعشرين درهما وكرّا من الطّعام ، فقالت العربيّة : يا أمير المؤمنين! إنّي من العرب وهذه امرأة من العجم؟! فقال عليّ (ع) : إنّي لا أجد لبني إسماعيل في هذا الفيء فضلا على بني إسحاق (١).
وقال : كان الإمام عليّ (ع) يخطب فجاء الأشعث ، فجعل يتخطى الناس فقال : يا أمير المؤمنين! غلبتنا هذه الحمراء على وجهك ، فغضب ، فقال ابن صوحان : ليبين اليوم من أمر العرب ما كان يخفى ، فقال عليّ (ع) :
من يعذرني من هؤلاء الضّياطرة ، يقبل أحدهم يتقلّب على حشاياه ويهجد قوم لذكر الله؟! فيأمرني أن أطردهم فأكون من الظالمين؟
والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، لقد سمعت رسول الله محمّدا (ص) يقول : (ليضربنّكم والله على الدين عودا كما ضربتموهم عليه بدءا).
قال المغيرة : كان عليّ (ع) أميل إلى الموالي وألطف بهم ، وكان عمر أشدّ تباعدا منهم.
عن النعمان بن سعد قال : رأيت عليّا (ع) على المنبر يقول : أين الثمودي؟ فطلع الأشعث ؛ فأخذ كفّا من الحصى وضرب وجهه فأدماه وانجفل ، وانجفل الناس معه ويقول : ترحا لهذا الوجه ، ترحا لهذا الوجه (٢).
__________________
(١) الغارات ، ص ٣٤١ ، وط. طهران ، ص ٧٠.
(٢) شرح نهج البلاغة لمحمّد عبده ٤ / ٥٤٤ ، ط. مصر ؛ والغارات ط. طهران ، ص ٥٠١. الحمراء : الموالي ، قال ابن الأثير في النهاية ، مادّة حمر في حديث عليّ : غلبتنا عليك هذه الحمراء يعنون العجم والروم ، والعرب تسمي الموالي : الحمراء. قال ابن الأثير في النهاية ، مادّة ضيطر ، بعد أن ذكر حديث الإمام : «الضياطرة : الضخام الّذين لا غناء عندهم ، الواحد ضيطار» ، والحشايا : الفراش واحدها حشيّة بالتشديد. والمراد المغيرة الضّبّي. وانجفل الناس : أسرعوا الهرب. والمراد بالترح هنا الهلاك والانقطاع.