صعبه ويسهّل لنا حزنه ، وأنا قابل من رأيك ما كان لله رضا ، وأنت من آمن أصحابي وأوثقهم في نفسي وأنصحهم وأرآهم (١) عندي.
وقال : إنّ طائفة من أصحاب عليّ (ع) مشوا إليه فقالوا : يا أمير المؤمنين! أعط هذه الأموال وفضّل هؤلاء الأشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم ومن تخاف خلافه من النّاس وفراره.
قال : وإنّما قالوا له ذلك ، للّذي كان معاوية يصنع بمن أتاه ، فقال لهم عليّ : (ع) أتأمرونّي أن أطلب النّصر بالجور؟! والله لا أفعل ما طلعت شمس وما لاح في السّماء نجم ، والله لو كان ما لهم لي لواسيت (٢) بينهم ، فكيف وإنّما هي أموالهم ... الحديث (٣).
وقد كان النّاس كرهوا عليّا ، ودخلهم الشّك والفتنة ، وركنوا إلى الدّنيا ، وقلّ مناصحوه ، فكان أهل البصرة على خلافه والبغض له ، وجلّ أهل الكوفة وقرّاؤهم ، وأهل الحجاز واهل الشام وقريش كلّها (٤).
وبما أنّ قريشا هي الّتي بدأت في قتاله ، وحرضت الناس عليه وقادتهم في حرب الجمل وصفين ، ثمّ بعث معاوية من شنّ الغارة على اطراف البلاد الّتي كانت تحت حكم الإمام مثل عبد الله بن عامر الحضرمي الّذي بعثه إلى البصرة وسفيان بن قيس الغامدي إلى الأنبار والنعمان بن بشير إلى الأنبار والضحّاك بن قيس الفهري إلى الحيرة وبسر بن أبي أرطأة إلى مكّة والمدينة واليمن (٥) فتزعزع
__________________
(١) وأرآهم : أسدهم رأيا.
(٢) والمواساة بالشيء : الاشتراك فيه ، يقال : آساه بماله مواساة أي جعله اسوته فيه ، كما يقال : واساه أيضا.
(٣) الغارات ، ص ٤٧ ـ ٤٨ ، وط. طهران ، ص ٧١ ـ ٧٥.
(٤) الغارات ، ص ٤٨.
(٥) راجع الغارات للثقفي ، ص ٣٠٧ فما بعد.