وقال ابن خلكان (ت ٦٨١ ه) بترجمة أبي الأسود الدؤلي : (إنّ عليّا (رض) وضع له «الكلام كله ثلاثة أضرب : اسم وفعل وحرف» ثمّ دفعه اليه ، وقال له : تمّم على هذا) (١).
وتواتر نقل هذا الخبر بين العلماء وكل نقل طرفا منه مع اختلاف في اللفظ وبعد دراسة رواياتهم دراسة مقارنة وجدت أصدقهم قولا أبا الفرج حين قال في الأغاني ، أوّل خبر أبي الأسود الدؤلي :
وأملى عليه ـ الإمام عليّ (ع) ـ الكلام كلّه لا يخرج عن اسم وفعل وحرف جاء لمعنى. قال : وهذا المنقول أوّل كتاب سيبويه. وقال : ثمّ رسم اصول النحو كلها ، فنقلها النحويون ، وفرعوها ، ثمّ قال : هذا حفظته وأنا حديث السن فكتبته من حفظي واللفظ يزيد وينقص وهذا معناه (٢).
وفي ترجمة أبي الأسود من تاريخ دمشق لابن عساكر :
قال : كتب معاوية إلى زياد يطلب عبيد الله ، فلمّا قدم عليه كلمه ، فوجده يلحن فرده إلى أبيه ، وكتب إليه كتابا يلومه فيه ، ويقول : أمثل عبيد الله يضيع؟
فبعث زياد إلى أبي الأسود فقال : يا أبا الأسود! إنّ هذه الحمراء ـ أراد بهم العجم لغلبة الحمرة على ألوانهم ـ قد أفسدت من ألسن العرب ، فلو وضعت شيئا يصلح به الناس كلامهم ، ويعربون به كتاب الله.
فأبى ذلك أبو الأسود فوجّه زياد رجلا ، فقال له : اقعد في طريق أبي الأسود ، فاذا مر بك ، فاقرأ شيئا من القرآن ، وتعمد اللحن فيه ، ففعل ذلك ، فلمّا مرّ به أبو الأسود رفع الرّجل صوته يقرأ (ان الله بريء من المشركين ورسوله) فاستعظم ذلك أبو الأسود وقال : عزّ وجه الله أن يبرأ من رسوله ، ثمّ رجع من
__________________
(١) وفيات الأعيان ٢ / ٢١٦ ؛ والبداية والنهاية لابن كثير ٨ / ٣١٢.
(٢) الأغاني ١٢ / ٣٠٢ ، وط. ساسي ١١ / ١٠١.