الله تعالى تركها الناس (١).
يقصدون من سرقة الشيطان البسملة واختلاسه إيّاها ، ترك الناس إيّاها في الصلاة.
* * *
إذا جمعنا الروايات في البسملة وأخبارها ، بعضها إلى بعض ، نرى فيها مصداق قول ابن عباس كالآتي :
كان المسلمون في الحرمين الشريفين مذ عصر الرسول (ص) حتّى خلافة معاوية يقرءون البسملة مع السور ، كما يكتبونها كذلك في المصاحف ، وكان معاوية لا يقرأها مع السورة في الصلاة وهو خليفة المسلمين بالشام ، فلمّا جاء إلى المدينة وأمّ المهاجرين والأنصار بمسجد الرسول (ص) تركها في الصلاة على عادته ، فناداه من سمعه من المهاجرين والأنصار من كلّ مكان أسرقت الصلاة أم نسيت؟ فلمّا صلّى بعد ذلك قرأ البسملة للسورة وكان ذلك في المدينة ، ويظهر من استعراض الأخبار أنّه عاد إلى تركها في صلاته بالشام وتبعه على ذلك الخلفاء من آل اميّة من بعده.
ويقول ابن الزّبير في وصف فعلهم : (ما يمنعهم إلّا الكبر) ، ويقول ابن عمر محتجّا عليهم (لم كتبت في المصحف إن لم تقرأ) ، ويستمر على قراءتها أهل الحرمين فلمّا ولي عمرو بن سعيد بن العاص الأموي ، الحرمين ، كان أوّل من قرأها سرّا في المدينة ، راعى في قراءته كرامة معاوية من جانب ورأي المهاجرين والأنصار والتابعين من جانب آخر. ثمّ قويت شوكة الأمويين بعد قتل منافسهم ابن الزّبير بمكّة. ورويت بعض الأحاديث تأييدا لمعاوية وصونا
__________________
(١) وكان يقول : من سنّة الصلاة أن يقرأ بسم الله الرّحمن الرّحيم ثمّ فاتحة الكتاب ثمّ بسم الله الرّحمن الرّحيم ثمّ سورة. تذكرة الحفاظ ١ / ١١٠ ؛ ومصنف عبد الرزّاق ٢ / ٩١.