من المعلوم ان ترتيب السور مؤسس بكل بساطة وفقا لطول كل سورة. والسور الأكثر قصرا (وهي الأقدم) موجودة في نهاية القرآن. ولم يستطع زيد ورفاقه أن يرتبوا القرآن على أساس معنى الآيات ؛ لأنّ صفة الوحي المتقطعة تعترض ذلك. ولم يستطيعوا التفكير بالترتيب التاريخي لأنّ الوقت كان متأخّرا لإثبات هذا الترتيب. وعلى كلّ حال ، فإنّ الترتيب النازل وفقا لطول السور فيه أمران شاذان : فمن ناحية اولى نرى السورتين الأخيرتين (رقم ١١٣ و ١١٤ الناقصتين بالتأكيد من قرآن ابن مسعود) ليستا هما الأكثر قصرا ، ومع ذلك فهما تمثّلان صفة خاصّة جدّا لأنّهما ، والحق يقال ، قواعد ضدّ الرّقى المؤذية. ومن ناحية اخرى فإنّ السورة الاولى (الفاتحة) قد وضعت على رأس الكتاب مع انّها لا تعدّ سوى سبع آيات ، وقد كان ذلك دون شك لأن لها شكل الصلاة. وفضلا عن ذلك فانها تنتهي عادة بعد أن ترتل بكلمة «آمين» ، الأمر الّذي لا يحدث في السور الاخرى ؛ وقد أوحي أيضا بوجوب تلاوتها في أغلب الأحيان (القرآن ١٥ ، ٨٧).
ولكن هذا الترتيب الاصطناعي ، الّذي تبنّاه زيد ورفاقه لا يستطيع أن يرضي النفوس المفكّرة.