ويحسن من الله تعالى لغير المكلف لمصلحة يعلمها الله سبحانه منه (١).
أبو علي ، وأصحاب اللطف (٢) : يحسن من الله تعالى له للعوض فقط (٣).
المهدي عليهالسلام ، وجمهور البصرية : لا يحسن إلا مع اعتبار ؛ إذ يمكن الابتداء بالعوض من دون ألم. قلنا : قد ثبت لنا أن الله تعالى عدل حكيم ، ومن حكمته تعالى [أنه] لا ينزل الألم إلا لمصلحة لذلك المؤلم غير العاصي ، وذلك تفضل عند العقلاء.
عباد بن سليمان (٤) : لاعتبار الغير فقط (٥).
قلنا : ذلك ظلم [عند العقلاء](وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) (٦).
وإيلام المكلف المؤمن لاعتبار نفسه فقط ؛ إذ هو نفع كالتأديب ، ولتحصيل سبب الثواب فقط ، كما يأتي إنشاء الله تعالى. ولحط الذنوب فقط ، وفاقا للزمخشري (٧) في حط الصغائر ؛ إذ هو دفع ضرر كالفصد ، ويؤيده ما في الحديث [عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم] (من وعك ليلة كفر الله عنه ذنوب سنة) (٨) أو كما قال.
__________________
(١) م ط (تعالى له).
(٢) أصحاب اللطف : هم بشر بن المعتمر ومتابعوه ، سموا بذلك لقولهم : إنه يمكن أن يلطف الله بكل مكلف حتى يؤمن ولا يكفر ، ولكن لا يجب عليه.
(٣) أي : يحسن من الله الألم لغير المكلف للعوض ، من دون اعتبار ولطف لأحد.
(٤) هو الصيمري ، تقدمت ترجمته.
(٥) أي : من دون مصلحة ، ولا عوض للمؤلم.
(٦) الكهف : ٤٩.
(٧) الزمخشري : هو جار الله محمود بن عمر الزمخشري ، الخوارزمي ، أبو القاسم المعتزلي ، إمام التفسير والمعاني والبيان ، والنحو ، واللغة ، له المصنفات العديدة في كل فن ، وكثير منها مطبوع ، ولد في ٢٧ رجب سنة ٤٦٧ ه بزمخشر ، وجاور بمكة ، وصاحب عليّ بن موسى بن وهاس بمكة ، ودخل بغداد ، واتفق بالإمام أبي السعادات الحسني ، توفي بجرجانية خوارزم سنة ٥٣٨ ه فإنه ذهب إلى حسن الألم من الله سبحانه لحطها ، وهو بناء على أن بعض العمد من الصغائر ، وهو كذلك عنده وعند الجمهور ، وأمام عند الإمام فكل عمد كبيرة.
(٨) أخرجه أحمد في مسنده بلفظ مختلف ٤ / ١٢٣. ش ٢ / ١٨٧.