ولا يصح نبي بلا معجز (٢) خلافا للحشوية (٣).
قلنا : المعجز شاهد بصدقه ، وإذا عدم الشاهد لم يحصل التمييز بين النبي الصادق الأمين ، وبين نحو مسيلمة اللعين ، والله تعالى عدل حكيم لا يلبس خطابه بالهراء والافتراء.
بلى : يجوز أن يشهد على نبوته نبي قبله لحصول الشهادة على صدقه.
وشرطه (٤) إما أن يدعيه النبي قبل حصوله ، ويقع على حسب دعواه ، نحو قوله [تعالى] حاكيا : (أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ) (٥) أو كان معرفا بالنبوة كخبر الثعلب وإلا فهو آية من آيات الله مصادفة ، وليس بمعجز لعدم اختصاصها بوقته.
ويجوز تراخيه عن وقت الدعوى ، ولو بأوقات كثيرة إن أخبر به فوقع ؛ إذ صارا معجزين ويجوز متقدما إن كان معرفا بالنبوة ، كقوله تعالى حاكيا عن عيسى عليهالسلام : (وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) (٦) وهو في المهد.
البلخي : يجوز كذلك إرهاصا ، وظاهره الإطلاق (٧).
قلت ـ وبالله التوفيق ـ : لا دليل [إن لم يكن معرفا] لما مر.
__________________
(١) هذا في الاصطلاح ، وفي اللغة : ما يجعل غيره عاجزا ، وقد يفسر بأنه كل فعل يقدر عليه بعض القادرين دون بعض وقوله : (بشر) ليدخل ما يطيقه غير البشر من الملائكة والجن.
(٢) لأنه لا يدل على صدقه إلا المعجز.
(٣) فإنهم جوزوا أن يكون الشخص نبيا من غير معجز ولا وحي أيضا ، ولا شريعة جديدة ، ولا إحياء مندرسة ، بل يكون له تنويرات وإلهام يفارق بها سائر البشر.
(٤) أي : شرط المعجز.
(٥) الشعراء : ٣٠.
(٦) مريم : ٣٠.
(٧) أي : ظاهر قول أبي القاسم الإطلاق ، أي : سواء كان معرفا أم لا.