قلنا : يلزم تلاشيها (١) لأنها إما موجودة أو معدومة ، أولا موجودة ولا معدومة ، ليس الثالث ؛ إذ لا واسطة بين الوجود والعدم (٢) ، ولا الثاني لما يلزم من كونه تعالى معدوما لعدم صفته الوجودية ونحو ذلك ، وقد صح بما مر أنه تعالى موجود ونحو ذلك ، مع أنهم لا يقولون بذلك وحاشاهم.
والأول إما أن تكون قديمة أو محدثة ، أولا قديمة ولا محدثة ليس الثالث ؛ إذ لا واسطة بين القديم والمحدث إلا العدم ، وقد مر وجه بطلانه ، ولا الثاني ؛ لأنه يلزم من ذلك كونه تعالى محدثا لحدوث صفته الوجودية ونحو ذلك ، وقد مر بطلانه ، مع أنهم لا يقولون بذلك وحاشاهم ، ولا الأول ؛ لأنه يلزم قدماء مع الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا ، وذلك باطل لما يأتي إنشاء الله تعالى ، مع أنهم لا يقولون بذلك وحاشاهم ، وقد ثبتت لنا بما مر من الأدلة ، فما بقي إلا أن تكون ذاته.
قالوا : الصفات لا توصف كما مر لهم (٣). لنا : ما مر [عليهم] (٤).
أبو الحسين البصري : بل هي مزايا لا هي الله تعالى ولا غيره (٥).
__________________
الكلام وذلّله ، وله شرح على مسند ابن أبي شيبة ، وتفسير القرآن مائة جزء (مفقود) قيل : جملة مصنفاته مائة ألف ورقة ، وخمسون ألف ورقة ، الورقة نصف كراس ، وقرأ عليه أبو الحسن الأشعري وخالفه ، وجرت بينهما مناظرات طويلة ، ولأبي علي عناية في الرد على الفلاسفة والملحدة ، وتقرير العدل والتوحيد ، ولد سنة ٢٣٥ ه ، وتوفي في شعبان سنة ٣٠٢ ه وذكر محقق الأساس أنه توفي سنة ٣٠٣ ه ويتحقق ولادته وولادة ابنه أبي هاشم لأن الفرق بين ولادتهما إحدى عشرة سنة فقط.
(١) أي : بطلان الأمور الزائدة التي هي بزعمهم صفات الله تعالى.
(٢) م ط (بين الموجود والمعدوم).
(٣) وهو ادعاؤهم لزوم التسلسل أو التحكم.
(٤) وهو صحة حدوثها ، لكونها لم تتقدم موصوفها المحدث ، فصح وصفها بأنها محدثة.
(٥) قال النجري رحمهالله في شرحه على القلائد : اعلم أن الصفة والحال والمزية في الاصطلاح بمعنى واحد ، وربما استعملت المزية وأريد بها غير الصفة كما يقوله أبو الحسين ، ومن يقول بقوله : إن لله تعالى بكونه قادرا وعالما وحيا ونحوها مزايا ، ونفى أن يكون له بها صفات ، ومن ثم سمي هو وأصحابه : أصحاب المزايا. ش ١ / ٣٦٩.