التفصيليّ ، فلا يجوز إكرام شخصين أحدهما زيد مع التمكّن من معرفة زيد بالتفصيل ، ولا فعل الصلاتين في ثوبين مشتبهين مع إمكان الصلاة في ثوب طاهر؟
____________________________________
فاتّضح من هذه المقدمة أنّ المراد من العلم الإجمالي هو أن يكون المعلوم مردّدا بين أمرين أو أكثر فيكون المعلوم مجملا.
ومن هنا يظهر أن اتصاف العلم بالإجمال يكون من قبيل وصف الشيء بحال متعلّقه لأنّ الإجمال في الحقيقة هو صفة للمعلوم لا العلم ، إذ العلم هو الصورة الحاصلة من الشيء عند العقل ، وهي لا تتصف بالإجمال الّا باعتبار متعلّقه ، ولهذا عبّر المصنّف رحمهالله بالمعلوم إجمالا فجعل الإجمال قيدا للمعلوم.
الأمر الثاني : إن العلم الإجمالي هل هو كالعلم التفصيلي في الحجّية والاعتبار ، أم ليس كذلك؟ بمعنى أن التكليف يثبت بالعلم التفصيلي ويتنجّز به بلا خلاف ، فهل يكون العلم الإجمالي ، كالتفصيلي في إثبات التكليف به وتنجّزه به أم هو كالجهل؟
ثم إذا قلنا : بأنه كالتفصيلي في الحجّية من حيث إثبات التكليف به ، يقع الكلام في اعتباره في مقام اسقاط التكليف ، بمعنى أن العلم التفصيلي حجّة ، ومبرئ للذمّة في مقام اسقاط التكليف ، يعني : إذا علم المكلف بالتكليف ثم امتثل ذلك التكليف امتثالا تفصيليا يسقط ذلك التكليف عنه بلا شك ، فهل العلم الإجمالي يكون كذلك؟ يعني : يكون حجّة ومبرءا للذمّة في مقام اسقاط التكليف ، فإذا امتثل المكلّف امتثالا اجماليا يسقط التكليف به أم ليس كذلك؟ فلا يكفي الامتثال الإجمالي بل لا بدّ من الامتثال التفصيلي ، ولو كان ظنيا.
ثم المراد من إثبات التكليف بالعلم ليس جعل العلم واسطة في الإثبات حتى يوهّم أن القطع الطريقي لا يصح أن يجعل وسطا كما تقدم ، بل المراد ترتيب الآثار على المعلوم عند العلم والالتزام به ولزوم إطاعته عقلا وشرعا.
الأمر الثالث : بيان الثمرة بين القولين ، وأما الثمرة فواضحة ، إذ من يقول باعتبار العلم الإجمالي في المقامين ، أي : مقام اثبات التكليف ، ومقام اسقاطه يجوز له العمل بالاحتياط ، ولا يجب عليه الرجوع إلى الاجتهاد أو التقليد ، ومن يقول بعدم اعتباره في المقامين فلا يجوز له العمل بالاحتياط ، ويجب عليه الاجتهاد أو التقليد.