ثم الاشتباه في كل من الثلاثة ؛ إمّا من جهة الاشتباه في الخطاب الصادر من الشارع كما في مثال الظهر والجمعة ، وإمّا من جهة اشتباه مصاديق متعلّق ذلك الخطاب كما في المثال الثاني.
____________________________________
ثم ما ذكرنا من المثالين تبعا للشارحين حيث فسّروا قوله : الموضوعين ، بقولهم : سواء كانا كلّيين أم جزئيين ، كما في الأوثق وغيره ، إلّا أن تفسيرهم لا يناسب تعبير المصنّف رحمهالله بأحد هذين الموضوعين لأنّ اسم الاشارة ظاهر في الجزئي ، نعم ، هذا التفسير والتعميم كان مناسبا لو كان تعبيره رحمهالله بأحد الموضوعين بإسقاط اسم الاشارة من البين.
(ثم الاشتباه في كل من الثلاثة) المتقدمة :
أحدها : هو الشك في المكلّف به.
ثانيها : هو الشك في نوع التكليف.
ثالثها : هو الشك فيهما معا.
والمصنّف رحمهالله يبيّن منشأ الاشتباه بقوله : (إمّا من جهة الاشتباه ... إلى آخره).
ويظهر من بيانه الفرق بين الشبهة الحكمية والموضوعية ، ثم الفرق بينهما :
تارة : يرجع إلى نفس الحكم ، لأن الحكم المشتبه يمكن أن يكون كلّيا كوجوب الظهر أو الجمعة ، أو جزئيا كحرمة هذا المائع لكونه خمرا أو ذاك المائع لاحتمال كونه خمرا مع العلم بحرمة الخمر ، فالشبهة في الأول حكمية وفي الثاني موضوعية.
واخرى : يرجع الفرق إلى ما يرفع به الاشتباه فإن كان دليلا شرعيا تكون الشبهة حكمية ، إذ المناط في الشبهة الحكمية الرجوع إلى الشارع لرفع الاشتباه وإن كان ما يرفع به الاشتباه غير الشارع تكون موضوعية ، كما في المثال الثاني يرجع لرفع الاشتباه إلى من يعرف الخمر.
وثالثة : يرجع إلى سبب الاشتباه ، فإن كان عدم النص أو اجماله أو تعارض النصّين تكون الشبهة حكمية ، وإن كان غير ما ذكر من الامور الخارجية تكون موضوعية فقوله : (إمّا من جهة الاشتباه في الخطاب الصادر من الشارع) بيان للشبهة الحكمية ، لأنّ المكلّف لا يعلم يوم الجمعة أنّ الخطاب الصادر عن الشارع هل هو صلّ الظهر أو صلّ الجمعة؟ فيرجع لرفع الاشتباه إلى الشارع أو الدليل الشرعي.