تفصيلا بحرمة وطئها ، مع أن القائل بجواز الارتكاب لم يظهر من كلامه إخراج هذه الصور.
____________________________________
ارتكب المشتبهين دفعة واحدة ، كما إذا جعلهما لقمة واحدة ، فيعلم تفصيلا بحرمة هذه اللقمة ، من جهة أكل ما هو النجس ، وهذا العلم التفصيلي قد تولّد من العلم الإجمالي بنجاسة أحد نصفي اللقمة ، فمن حكم بجواز ارتكاب كلا المشتبهين لا بدّ له أن يقول بعدم اعتبار العلم التفصيلي بالحرمة ، لأجل كونه متولّدا من العلم الإجمالي.
نعم ، من يرتكب أطراف الشبهة تدريجا كأن يرتكب أحدهما بعد الآخر بيوم مثلا لا يعلم تفصيلا بالحرمة حين الارتكاب ، ولكن بعد الارتكاب يعلم تفصيلا بارتكاب ما هو محرم ، وهذا يجوز عند من يشترط في الحرمة علم المكلّف تفصيلا بالحرمة حين الارتكاب ، ثم يتصوّر الارتكاب الدفعي أو التدريجي فيما ذكره المصنف رحمهالله من مثال اشتراء جارية بالمشتبهين بالميتة ، فتارة : يشتريها بالمشتبهين بالميتة دفعة ، واخرى : يشتريها تدريجا ، بمعنى أنه يشتري نصفها بأحدهما ثم يشتري نصفها الآخر بالآخر ، وعلى التقديرين يعلم المشتري تفصيلا بحرمة وطئها لبطلان البيع في تمام الجارية ، أو في نصفها الواقع في مقابل الميتة ، وأمّا الحرمة على تقدير بطلان البيع في تمام الجارية فظاهرة ، وأمّا على تقدير بطلان البيع في مقابل الميتة فقط تكون الحرمة لعدم التبعّض في البضع ، إذ البضع لا يتبعّض.
فالحاصل أن المشتري يعلم تفصيلا بحرمة وطئها ، ومع ذلك أفتى بعض الفقهاء بجواز ارتكاب كلا المشتبهين ، وهذه الفتوى على إطلاقها تشمل ما إذا علم تفصيلا بالحرمة حين الارتكاب ، فيعلم منها عدم اعتبار العلم التفصيلي المتولّد عن العلم الإجمالي.
بقي مثال ما يؤدّي إلى العلم بالنجاسة تفصيلا ، مثل : من يعلم اجمالا بنجاسة أحد الإنائين ثم يريقهما على ما يصحّ السجود عليه ، فلو صلّى وسجد فيه يعلم تفصيلا ببطلان هذه الصلاة ، فمن يحكم بصحة هذه الصلاة من باب الفرض لا بدّ أن يقول بعدم اعتبار العلم التفصيلي المتولّد عن الإجمالي.
(مع أن القائل بجواز الارتكاب لم يظهر من كلامه إخراج هذه الصور) أي : صورة العلم تفصيلا بالحرمة حين الارتكاب فيكون قوله : مع أن القائل ... إلى آخره ، دفعا لما يتوهّم من أن القائل بجواز الارتكاب إنّما يجوزه إذا لم يؤدّ إلى مخالفة العلم التفصيلي بالحرمة حين