الثالث : الفرق بين الشبهة في الموضوع والشبهة في الحكم ، فيجوز في الاولى دون الثانية ، لأنّ المخالفة القطعية في الشبهات الموضوعية فوق حدّ الإحصاء ، بخلاف الشبهات الحكمية ، كما يظهر من كلماتهم في مسائل الإجماع المركّب. وكان الوجه ما تقدّم من أن الاصول في الموضوعات تخرج مجاريها عن موضوعات أدلة التكليف ، بخلاف الاصول في الشبهات الحكمية ، فإنّها منافية لنفس الحكم الواقعي المعلوم إجمالا.
وقد عرفت ضعف ذلك ، وأن مرجع الإخراج الموضوعي إلى رفع الحكم المترتّب على ذلك ، فيكون الأصل في الموضوع في الحقيقة منافيا لنفس الدليل الواقعي الّا أنّه حاكم عليه
____________________________________
الشارع وأمّا ما ذكر في الوجه الأول من رجوع الشك إلى الشك البدوي فمردود ، إذ العلم الإجمالي موجود وجدانا ، فكيف يعقل أن يكون الشك في مورده شكا بدويا؟!
(الثالث : الفرق بين الشبهة في الموضوع والشبهة في الحكم ، فيجوز في الاولى دون الثانية).
فلا بدّ من إثبات الفرق بين الشبهة الموضوعية والحكمية.
ثم قال المصنّف رحمهالله في الفرق بينهما : (لأن المخالفة القطعية في الشبهات الموضوعية فوق حدّ الإحصاء ، بخلاف الشبهات الحكمية).
فلا بدّ من إثبات وقوع المخالفة العملية في الشبهات الموضوعية ، فيشير المصنّف إليه بقوله : (وكان الوجه ما تقدّم من أن الاصول في الموضوعات تخرج مجاريها عن موضوعات أدلة التكليف) ثم يردّه بقوله : (وقد عرفت ضعف ذلك).
حيث تقدم منه قوله : فمرجع أصالة الطهارة إلى عدم وجوب الاجتناب المخالف ، أي : المناقض لقوله : اجتنب عن النجس ، فلا يجري الأصل في الشبهة الموضوعية.
ثم لعلّ نظر الفارق يكون إلى ما تقدّم من جواز مخالفة العلم التفصيلي المتولّد من العلم الإجمالي ، حيث كانت هذه الموارد من الشبهات الموضوعية ، ويردّه توجيه المصنّف هذه الموارد بالالتزام على أحد الامور على نحو منع الخلوّ.
نعم ، عدم جواز المخالفة في الشبهات الحكمية لا إشكال فيه (كما يظهر من كلماتهم في مسائل الإجماع المركّب) حيث حكموا في هذه المسائل بعدم جواز خرق الإجماع ، وعدم جواز القول بالفصل ، وذلك لعدم جواز طرح الحكم الواقعي المعلوم إجمالا بين القولين.