حجّة ، أو فتوى المفتي حجّة» ، يراد به كون هذه الامور أوساطا لإثبات أحكام متعلّقاتها ، فيقال : هذا مظنون الخمريّة ، وكل مظنون الخمريّة يجب الاجتناب عنه ، وكذلك قولنا : هذا الفعل ممّا أفتى المفتي بتحريمه ، أو قامت البيّنة على كونه محرّما ، وكلّ ما كان كذلك فهو حرام.
____________________________________
لمتعلّقه ، كما هو المستفاد من كلامه قدسسره حيث قال : (فقولنا : الظن حجّة ، أو البيّنة حجّة ، أو فتوى المفتي حجّة ، يراد به كون هذه الامور أوساطا لإثبات أحكام متعلّقاتها) فتكون الأحكام هي الأكبر ، والمتعلّقات هي الأصغر كالخمر مثلا.
وعبارة المصنّف قدسسره حيث قال : (لإثبات أحكام متعلّقاتها) لا تخلو من مسامحة ، لأنّها ظاهرة فيما إذا تعلّق الظن بالموضوع ، كالخمر في المثال الأول فيقال : هذا مظنون الخمرية ، وكل مظنون الخمرية يجب الاجتناب عنه ، فهذا يجب الاجتناب عنه.
والفعل في المثال الثاني ، هذا الفعل ما أفتى المفتي بتحريمه ، وكل ما افتى المفتي بتحريمه يجب الاجتناب عنه ، فهذا الفعل يجب الاجتناب عنه ، فلا تشمل المثال الثالث وهو قوله :
(أو قامت البيّنة على كونه محرّما ، وكلّ ما كان كذلك فهو حرام).
إذ الظن في هذا المثال تعلّق بنفس الحكم ، فلا يصدق عليه أنّه وسط لإثبات حكم متعلّقه لأنّ المتعلّق هو نفس الحكم ، فكان على المصنف قدسسره أن يقول : يراد به كون هذه الامور أوساطا لإثبات الأحكام ، سواء كانت أوساطا لإثبات أحكام متعلّقاتها كالمثال الأول والثاني ، أو لإثبات الأحكام على الموضوعات كالمثال الثالث حيث تعلق الظن بنفس الحكم ، وكيف كان ، فتكون هذه الامور أوساطا لإثبات أحكام ظاهرية من سنخ الأحكام الواقعية الثابتة لمتعلّقات هذه الامور في الواقع.
ففي قولنا : هذا مظنون الخمرية ، وكل مظنون الخمرية يجب الاجتناب عنه. يكون الظن وسطا يوجب العلم بوجوب الاجتناب عن مظنون الخمرية ، فيكون وجوب الاجتناب حكما ظاهريا ، والظن قد اخذ في موضوع هذا الحكم الظاهري دون الحكم الواقعي ، فلا يرد عليه أنّ موضوع الحكم الواقعي هو الخمر فقط ، فكيف اخذ الظن في موضوع الحكم في قولك : هذا مظنون الخمرية ... الى آخره؟ بل لا يعقل أن يؤخذ الظن في موضوع الحكم الواقعي مع فرض كونه مجرّدا عن أي قيد ، إذ ثبوت الحكم الواقعي للموضوع المقيد