شرعا ، لأنّ الحجّة عبارة عن الوسط الذي به يحتجّ على ثبوت الأكبر للأصغر ، ويصير واسطة للقطع بثبوته له ، كالتغيّر لإثبات حدوث العالم ، فقولنا : «الظنّ حجّة ، أو البيّنة
____________________________________
والأصغر ، لأن الأكبر في الاصول هو حكم من الأحكام وفي المنطق ليس كذلك ، والأصغر في الاصول هو متعلّق الحكم ، وفي المنطق ليس كذلك ، هذا مضافا إلى اشتراط العلاقة بين الأوسط والأكبر في حجّة المنطقي دون الاصولي ، والجامع بينهما هو : أنّ الحجّة وهي الأوسط يكون سببا للقطع بثبوت الأكبر للأصغر سواء كان الأكبر حكما والأصغر متعلّقا كما هو عند الاصولي ، أم لا كما هو عند المنطقي.
ومن هنا يتّضح عدم إطلاق الحجّة بما هو عند الاصولي والمنطقي على القطع ، لأنّ الحجّة عندهما هي ما يكون سببا للقطع بالحكم على متعلّقه أو بالأكبر للأصغر فكيف يطلق على نفس القطع؟
وقد أشار إليه ـ كما سيأتي ـ بقوله : (والحاصل أنّ كون القطع حجّة غير معقول لأنّ الحجّة ما يوجب القطع بالمطلوب ، فلا يطلق على نفس القطع).
هذا مضافا إلى أنّ الحجّة عند المنطقي يعتبر فيها وجود العلاقة بين الأوسط والأكبر كما تقدّم ، وهذه العلاقة منتفية في القطع الطريقي المحض الذي يكون محلّا للبحث ، فإذا قطعنا بوجوب صلاة الجمعة مثلا لما كانت العلاقة بين الوجوب والقطع ثابتة لأنّ القطع ليس علّة للوجوب ، ولا معلولا له ، ولا كونهما معلولين لعلّة ثالثة ، فلا يطلق عليه الحجّة بما هو عند المنطقي ، إذ الحجّة عنده مشروطة بوجود العلاقة ، وهذه العلاقة منتفية في القطع.
والحقّ أنّ الحجّة عند المنطقي عبارة عن مجموع المقدّمتين أي : الصغرى والكبرى اللتين تحصل منهما النتيجة كما في الحاشية ، فلا تطلق على القطع لأنّه أمر يحصل من المقدّمتين ، فيحصل من جميع ما ذكرنا جواب السؤال المتقدم : لما ذا لا يطلق عليه الحجّة بما هو عند المنطقي وبما هو عند الاصولي؟
وقد اتّضح أنّ الحجّة بما هو عند الاصولي لا تطلق على القطع. نعم ، الحجّة بهذا المعنى تطلق على الأمارات المعتبرة شرعا ، لأنّ الحجّة عند الاصولي كما يقول المصنف قدسسره :
(عبارة عن الوسط الذي به يحتجّ على ثبوت الأكبر للأصغر) أي : ثبوت الحكم