يماثله في الذكورية والانوثية عدا من يحرم نكاحه.
ولكن يمكن أن يقال : إن الكفّ عن النظر إلى ما عدا المحارم مشقّة عظيمة فلا يجب الاحتياط فيه ، بل العسر فيه أولى من الشبهة غير المحصورة.
أو يقال : إن رجوع الخطابين إلى خطاب واحد في حرمة المخالفة القطعية ، لا في وجوب الموافقة القطعية ، فافهم.
____________________________________
يماثله في الذكورية والانوثية الّا ما خرج بالدليل كالامّ والاخت وغيرهما ، أو بتعبير آخر ـ كما في المتن ـ : (هو تحريم نظر كل إنسان إلى كل بالغ لا يماثله).
ثم هذا الخطاب الواحد المعلوم تفصيلا ينتزع من الخطابين المشتبهين ، وهما قوله تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا)(١) الآية ، (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ)(٢) الآية. فينتزع منهما وجوب غضّ البصر على كل مكلّف عمّن لا يكون مماثلا له الّا ما خرج بالدليل كالامّ والاخت وغيرهما.
ثم وجوب الاحتياط عند علم المكلّف بالخطاب تفصيلا ممّا لا إشكال فيه (بل العسر فيه أولى من الشبهة غير المحصورة).
يعني : يكون تحقّق العسر في تركها النظر إلى غير المحارم أولى وأشد من العسر اللازم من ترك الشبهة غير المحصورة. وذلك لأن ترك الشبهة غير المحصورة يوجب الاجتناب عن اللحم مثلا فيما إذا اشتبه المذكّى بالميتة ، أو الاجتناب عمّا يتصرف فيه فيما إذا كان المشتبه غير ما يؤكل مثلا ، هذا بخلاف ترك الخنثى النظر إلى غير المحارم في المقام ، فإنّه يوجب تركها المعاشرة مع الناس أصلا ، ولازم ذلك أن تكون محبوسة في البيت ما دامت الحياة ، وهذا القسم من العسر منفي في الإسلام قطعا.
(أو يقال : إن رجوع الخطابين إلى خطاب واحد في حرمة المخالفة القطعية ، لا في وجوب الموافقة القطعية).
وما حكم به المصنّف رحمهالله من رجوع الخطابين إلى خطاب واحد في حرمة المخالفة دون الموافقة القطعية يرجع إلى الفرق بين الخطاب الواحد التفصيلي الأصلي ، وبين
__________________
(١) النور : ٣٠.
(٢) النور : ٣١.