القاطع ، وإن أراد الامتناع مع انفتاح باب العلم والتمكّن منه في مورد العمل بالخبر ، فنقول : إن التعبّد بالخبر ـ حينئذ ـ يتصوّر على وجهين :
أحدهما : أن يجب العمل به لمجرد كونه طريقا إلى الواقع وكاشفا ظنيا عنه ، بحيث لم يلاحظ فيه مصلحة سوى الكشف عن الواقع ، كما قد يتفق ذلك عند انسداد باب العلم وتعلّق الغرض بإصابة الواقع ، فإن الأمر بالعمل بالظن الخبري أو غيره لا يحتاج إلى مصلحة سوى كونه كاشفا ظنيا عن الواقع.
الثاني : أن يجب العمل به لأجل أنه يحدث فيه بسبب قيام تلك الأمارة مصلحة راجحة على المصلحة الواقعية التي تفوت عند مخالفة تلك الأمارة للواقع ، كأن يحدث في صلاة الجمعة بسبب إخبار العادل بوجوبها مصلحة راجحة على المفسدة في فعلها ، على تقدير حرمتها واقعا.
أمّا إيجاب العمل بالخبر على الوجه الأول ، فهو وإن كان في نفسه قبيحا مع فرض
____________________________________
بقطعه ، فليس القطع كالخبر حتى يحتمل المكلّف كونه غير مطابق للواقع ، فيلزم المحذور.
(وإن أراد الامتناع مع انفتاح باب العلم والتمكّن منه في مورد العمل بالخبر).
فتارة : نفرض اعتبار الأمارات والطرق من باب الطريقية ، بمعنى أن الغرض من اعتبارها ووجوب العمل بها ليس الّا لكونها كاشفة عن الواقع ، والعمل بها يوجب وصول المكلّف إلى الواقع ، كما إذا أمر المولى عبده بالذهاب إلى بغداد ، ثم يقول له اسأل الاعرابي إذا اشتبه عليك الطريق واعمل بخبره ، فإن أمره بالعمل بالخبر عند اشتباه الطريق ليس الّا لمجرد كونه موصلا إلى بغداد.
واخرى : نفرض اعتبارها من باب السببيّة ، بمعنى وجوب العمل بها يكون لأجل حدوث المصلحة الراجحة على المصلحة الواقعية التي تفوت بسبب العمل بها عند مخالفتها للواقع ، فقيام الأمارة يكون سببا لحدوث المصلحة الراجحة بحيث تتدارك بها المصلحة الواقعية التي تفوت عند مخالفة تلك الأمارة ، أو تزول بها المفسدة الواقعية ، كما إذا قام الخبر على وجوب صلاة الجمعة وكانت محرمة في الواقع ، فقيام الخبر على وجوبها يوجب حدوث المصلحة الراجحة في فعل الصلاة بحيث تزول المفسدة الواقعية بها.
ثم يقول المصنّف رحمهالله : (أمّا إيجاب العمل بالخبر على الوجه الأول).