فلا نظن بالمستدل إرادة الامتناع في هذا الفرض ، بل الظاهر أنه يدّعي الانفتاح ، لأنّه أسبق من السيد وأتباعه الذين ادعوا انفتاح باب العلم.
وممّا ذكرنا ظهر أنه لا مجال للنقض عليه بمثل الفتوى لأن المفروض انسداد باب العلم على المستفتي ، وليس له شيء أبعد من تحريم الحلال وتحليل الحرام من العمل بقول المفتي ، حتى إنه لو تمكّن من الظن الاجتهادي فالأكثر على عدم جواز العمل بفتوى الغير ، وكذلك نقضه بالقطع مع احتمال كونه في الواقع جهلا مركبا ، فإن باب هذا الاحتمال منسدّ على
____________________________________
بالظن تحليل الحرام ، إذ لا تحريم في الواقع حتى يلزم تحليله ، فلا يلزم تحليل الحرام وإنّما يكون من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع ، فالحكم منحصر بمؤدّى الظن ، ولازم هذا هو التصويب الباطل ، فانحصر الاحتمال الصحيح في الاحتمال الأول وهو ثبوت الواقع فلا مناص من العمل بالخبر ، بل مطلق الظن.
فالملخّص من الجميع على تقدير الانسداد ؛ إمّا أن يقال بثبوت الأحكام الواقعية وفعليّتها ، أو يقال بعدم فعليّتها أو يقال بعدم ثبوتها أصلا.
فعلى الأول ـ كما هو الصحيح ـ لا بدّ من العمل بالخبر ، بل بمطلق الظن.
وعلى الثاني يلزم المحذور ، فيكون الالتزام به كرّا على ما فرّ منه.
وعلى الثالث لا يلزم من العمل بالخبر تحليل الحرام لعدم ثبوت الحكم بالحرمة في الواقع.
(فلا نظن بالمستدلّ إرادة الامتناع في هذا الفرض).
يعني : يقول المصنّف رحمهالله : إن فرض الانسداد لا يكون مراد ابن قبة قطعا وجزما ، فهذا الفرض يكون مقطوع العدم ، بل ابن قبة يقول بانفتاح باب العلم ، فيكون مراده امتناع التعبّد بالظن على تقدير الانفتاح لا الانسداد ، فلا يرد عليه النقض بمثل الفتوى وغيرها لأن هذه الامور تكون حجّة في فرض الانسداد ، وابن قبة يقول بعدم جواز العمل بها ، بل يقول بالامتناع في فرض الانفتاح ، وكذا لا يصحّ نقضه بالعمل بالقطع مع احتمال كونه جهلا مركبا ، لأن العقل يحكم بحجية القطع مطلقا لان القاطع حين القطع لا يحتمل الخلاف أصلا.
ولذا قال المصنّف : (فإن باب هذا الاحتمال منسدّ على القاطع) فيجب عليه أن يعمل