العلم بالواقع فلا يعقل المنع عن العمل به فضلا عن امتناعه ، إذ مع فرض عدم التمكّن من العلم بالواقع ؛ إمّا أن يكون للمكلّف حكم في تلك الواقعة ، وإمّا أن لا يكون له فيها حكم ، كالبهائم والمجانين.
فعلى الأول فلا مناص عن إرجاعه إلى ما لا يفيد العلم من الاصول والأمارات الظنية التي منها خبر الواحد.
وعلى الثاني يلزم ترخيص فعل الحرام الواقعي وترك الواجب الواقعي ، وقد فرّ المستدل منهما.
فإن التزم أن مع عدم التمكّن من العلم لا وجوب ولا تحريم لأن الواجب والحرام ما علم بطلب فعله أو تركه.
قلنا : فلا يلزم من التعبّد بالخبر تحليل حرام ، أو عكسه ، وكيف كان
____________________________________
للعمل من حيث الإصابة والخطأ ، وبين عدم كونه كذلك كما يأتي مفصّلا.
فيقع الكلام في امتناع التعبّد بالظن على فرض انسداد باب العلم ، فإن أراد ابن قبة امتناع التعبّد بالخبر في فرض انسداد باب العلم ، فلا يعقل المنع فضلا عن كونه ممتنعا ، إذ مع فرض تمكّن المكلّف من العلم بالواقع لا يخلو الواقع عن أحد الاحتمالين : إما أن يبقى الحكم في الواقع ، أو لا يبقى الحكم في الواقع ، بل يكون المكلّف كالبهائم ، والمجانين ، وعلى الأول فلا بدّ للمكلّف أن يعمل بالظن ، إذ طريق امتثال التكليف منحصر بما لا يفيد العلم ، فيجب عليه الرجوع اليه.
وعلى الثاني يلزم ترخيص فعل الحرام الواقعي الموجب للإلقاء في المفسدة أو تحليل الحرام بتعبير ابن قبة ، ويلزم ترك الواجب الواقعي الموجب لتفويت المصلحة ، والحاصل يلزم ما فرّ منه ابن قبة ، فيحكم ببطلان الاحتمال الثاني بالاتفاق ، فيبقى الاحتمال الأول ، وهو بقاء الحكم الواقعي ، فيجب العمل بالظن ، فلا يعقل المنع فضلا عن الامتناع.
(فإن التزم أن مع عدم التمكن من العلم لا وجوب ولا تحريم لأن الواجب والحرام ما علم بطلب فعله أو تركه.
قلنا : فلا يلزم من التعبّد بالخبر تحليل حرام ، أو عكسه).
يعني : لو التزم ابن قبة بعدم الحكم الواقعي لمن لا يتمكّن من العلم به لا يلزم من العمل