الأمارة حكمه ولا تحدث فيه مصلحة ، الّا أنّ [الأمر ب] العمل على طبق تلك الأمارة والالتزام به في مقام العمل على أنّه هو الواقع ، وترتيب الآثار الشرعية المترتبة عليه واقعا يشتمل على مصلحة ، فأوجبه الشارع ، ومعنى إيجاب العمل على الأمارة وجوب تطبيق
____________________________________
تضمّنت الأمارة حكمه حتى يجعل مؤدّاها حكما واقعيا في حقّ من قامت عنده الأمارة ، فلا أثر لها أصلا سواء كانت مطابقة للواقع ، أو مخالفة له.
فيبقى الحكم الواقعي المشترك بين الكل على حاله ، ويكون فعليا في حقّ الجميع ، غاية الأمر يجب العمل على طبق الأمارة ، ففي وجوب تطبيق العمل عليها مصلحة يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الواقع ، ويقال لها : المصلحة السلوكية.
فالوجوه الثلاثة يختلف بعضها عن البعض من حيث المقتضى ـ بالفتح ـ لأن مقتضى الوجه الأول هو جعل مؤدّى الأمارة حكما واقعيا لمن قامت عنده الأمارة سواء كانت مطابقة للواقع ، أو مخالفة له ، فيكون لازمه التصويب.
ومقتضى الوجه الثاني هو جعل مؤدّاها حكما واقعيا لمن قامت عنده الأمارة مع مخالفتها للواقع فقط ، فيلزم التصويب ـ أيضا ـ كما تقدم تفصيله.
ومقتضى الوجه الثالث هو بقاء الحكم الواقعي المشترك بين الكلّ على حاله ، سواء كانت الأمارة مخالفة له أو مطابقة فلا يلزم التصويب أصلا.
ثم المصلحة السلوكية الموجبة لوجوب تطبيق العمل على الأمارة يمكن أن تكون في نفس العمل بالأمارة ، يعني : يجب العمل عليها تسهيلا ، إذ تحصيل العلم في كل واقعة يكون موجبا للعسر والمشقّة ، ويمكن أن تكون في أمر الشارع بالعمل بالأمارة كما في بعض النسخ حيث كان فيه لفظ الأمر قبل العمل.
(الّا أن الأمر [الأمر ب] العمل على طبق تلك الأمارة).
فهذه المصلحة تكون سببا للحكم الظاهري ، وهو ايجاب العمل بها ، والفرق بينهما أنه لو كانت المصلحة في الأمر لكانت تحصل بمجرد وقوع العمل على الأمارة ، أمّا إذا كانت في العمل والعمل يتوقف على تصديق الراوي أولا ، ثم الالتزام بأن المؤدّى هو الواقع فلا تحصل بدون الالتفات والالتزام ، والثاني أرجح من الأول لأنّ المستفاد من الأدلة الدالة على حجّية الأمارة هو صدق العادل كما يأتي في بحث أخبار الآحاد.