فعلا في حقّ من قامت عنده أمارة على خلافه ، الّا أنه يكفي في كونه حكمه الواقعي أنّه لا يعذر فيه إذا كان عالما به أو جاهلا مقصّرا ، والرخصة في تركه عقلا ، كما في الجاهل القاصر ، أو شرعا ، كمن قامت عنده أمارة معتبرة على خلافه ، وممّا ذكرنا يظهر حال الأمارة على الموضوعات الخارجية ، فإنّها من القسم الثالث.
والحاصل : أن المراد بالحكم الواقعي هي مدلولات الخطابات الواقعية غير المقيدة بعلم المكلّفين ولا بعدم قيام الأمارة على خلافها ، لها آثار عقلية وشرعية تترتّب عليها عند العلم بها ، أو قيام أمارة حكم الشارع بوجوب البناء على كون مؤدّاها هو الواقع. نعم ، هذه ليست أحكاما فعلية بمجرد وجودها الواقعي.
____________________________________
العباد لا يكون فعليا في حقّ هذا الشخص ، والحكم الظاهري يكون فعليا فيرتفع التضاد بين الحكمين ، إذ لا تضاد بين الحكم الفعلي وغير الفعلي ، وإنّما التضاد يكون بين حكمين فعليين ، والظاهر من المصنّف رحمهالله هو انتفاء الوحدة على الوجه الثاني.
(الّا أنه يكفي في كونه حكمه الواقعي أنّه لا يعذر فيه إذا كان عالما به أو جاهلا مقصّرا).
يعني : يكفي في كون وجوب الظهر مثلا مع قيام الأمارة حكما واقعيا أنّ المكلّف لا يكون معذورا في تركه إذا كان عالما به ، فيجب عليه الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه ، أو جاهلا مقصّرا كالعامل بالأمارة من دون فحص عن الواقع مع تمكّنه عنه ، فلا يشترط في كون الحكم كوجوب الظهر مثلا واقعيا امتثال المكلّف به فعلا.
(ولها آثار عقلية وشرعية).
أي : للأحكام الواقعية آثار عقلية كحكم العقل بوجوب إطاعتها ، وحرمة معصيتها ، وآثار شرعية كوجوب القضاء ، والإعادة إذا انكشف الخلاف ، وحرمة النافلة في وقتها ويترتّب على هذه الأحكام الواقعية عند العلم بها ، أو عند قيام الأمارة المطابقة البناء على كون مؤدّاها هو الواقع لحكم الشرع والعقل بوجوب العمل على طبقها.
(نعم ، هذه ليست أحكاما فعلية بمجرد وجودها الواقعي).
ومن هذا الكلام يظهر عدم محذور من الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي ، لاختلافهما من حيث المرتبة ، إذ الحكم الواقعي يكون بمرتبة الاقتضاء والانشاء ، والحكم الظاهري يكون بمرتبة الفعلية فلا محذور في اجتماعهما ؛ لأن المحذور في اجتماعهما