فتلخّص من جميع ما ذكرناه أنّ ما ذكره ابن قبة ـ من استحالة التعبّد بخبر الواحد أو بمطلق الأمارة غير العلمية ـ ممنوع على إطلاقه ، وإنّما يصح إذا ورد التعبّد على بعض الوجوه كما تقدّم تفصيل ذلك.
ثم إنّه ربّما ينسب إلى بعض : «إيجاب التعبّد بخبر الواحد أو بمطلق الأمارة على الله تعالى ، بمعنى قبح تركه منه» في مقابل قول ابن قبة.
____________________________________
إنّما هو فيما إذا كانا بمرتبة واحدة.
(فتلخّص من جميع ما ذكرناه أنّ ما ذكره ابن قبة ـ من استحالة التعبّد بخبر الواحد أو بمطلق الأمارة غير العلمية ـ ممنوع على اطلاقه).
نعم ، يصح ما ذكره من قبح التعبّد بالظن على بعض الوجوه المتقدمة وهو التعبّد به على نحو الطريقية ، يعني : جعل الشارع ايّاه طريقا إلى الواقع مع تمكّن المكلّف من العلم به ، فيكون التعبّد به قبيحا لأنّه موجب لتفويت الواقع.
هذا تمام الكلام في الجواب عن ابن قبة حيث قال باستحالة التعبّد بخبر الواحد ، وهنا قول في قبال ابن قبة حيث قيل بوجوب التعبّد بالظن ، وقد أشار المصنّف إلى هذا القول بقوله :
(ثم إنّه ربّما ينسب إلى بعض : «إيجاب التعبّد بخبر الواحد أو بمطلق الأمارة على الله تعالى).
والقائل بهذا القول هو ابن شريح ، وأبو الحسن البصري ، واستدلّا على وجوب التعبّد ببعض ما استدلّ به ابن قبة على امتناعه حيث قال : إن التعبّد بالأمارة مستلزم لتفويت المصلحة ، أو الإلقاء في المفسدة ، وهما استدلّا بنفس هذا الوجه حيث قالا : وجب على الله تعالى أن يتعبّدنا بالأمارات بمعنى : قبيح تركه منه تعالى ، لأنّه مستلزم لتفويت المصلحة ، أو الإلقاء في المفسدة.
والأول : فيما إذا قامت الأمارة على وجوب شيء وكانت مطابقة للواقع فيكون ترك التعبّد بها موجبا لتفويت المصلحة بترك الواجب.
والثاني : فيما إذا دلّت أمارة على حرمة شيء ، فيكون الترك موجبا للإلقاء في المفسدة بفعل ما هو محرّم في الواقع ، فيكون دليل من يقول بوجوب التعبّد هو نفس دليل ابن قبة