فإن أراد به وجوب امضاء حكم العقل بالعمل به عند عدم التمكّن من العلم ببقاء التكليف ، فحسن ؛ وإن أراد وجوب الجعل بالخصوص في حال الانسداد ، فممنوع ؛ إذ جعل الطريق بعد انسداد باب العلم إنّما يجب عليه إذا لم يكن هناك طريق عقلي وهو الظن ، الّا أن يكون لبعض الظنون في نظره خصوصية.
____________________________________
القائل بالامتناع ، فالأقوال في هذه المسألة ثلاثة :
١ ـ امتناع التعبّد.
٢ ـ وجوب التعبّد.
٣ ـ إمكان التعبّد ، ويقول به المشهور.
والمصنّف رحمهالله قد اختار هذا القول المشهور فيردّ القول بوجوب التعبّد كما ردّ قول ابن قبة حيث يقول في مقام ردّ هذا القول : (فإن أراد به) أي : إيجاب التعبّد بالظن وجوب إمضاء الشارع ما حكم به العقل من العمل بالظن عند عدم تمكّن المكلّف من العلم ، وبقاء التكليف ، (فحسن) إذ العقل يحكم بحجّية الظن عند انسداد باب العلم ، فيجب على الله تعالى إمضاء ذلك فيكون مطلق الظن حجّة.
(وإن أراد وجوب الجعل بالخصوص في حال الانسداد فممنوع).
ففي قوله : بالخصوص ، احتمالان :
الاحتمال الأول : كونه قيدا للجعل بمعنى : إن الجعل لم يكن إمضاء لحكم العقل ، بل يكون جعل الظن حجّة مع قطع النظر عن حكم العقل ، فلا يرتبط جعل الشارع بحكم العقل أصلا ، فيكون خاصّا له.
الاحتمال الثاني : كونه قيدا للمجعول بمعنى : إن الله يجعل بعض الأمارات حجّة ، فيكون المجعول حجّية بعض الأمارات الخاصة كخبر العادل مثلا.
وما يظهر من كلامه رحمهالله هو الاحتمال الثاني حيث قال : (الّا أن يكون لبعض الظنون في نظره خصوصية).
وعلى كلا التقديرين يكون جعل الشارع ممنوعا وباطلا ، وذلك لأنّ احتمال الأول مستلزم لأن يكون الجعل جعل ما هو حاصل ، إذ الشارع جعل اعتبار الظن الحاصل عقلا فيلزم تحصيل ما هو حاصل ، وقد ثبت في محله استحالة تحصيل ما هو حاصل ، ولا يلزم