ومن العقل : تقبيح العقلاء من يتكلّف من قبل مولاه بما لا يعلم بوروده عن المولى ولو كان عن جهل مع التقصير.
نعم ، قد يتوهّم متوهّم أنّ الاحتياط من هذا القبيل ، وهو غلط واضح ، إذ فرق بين الالتزام بشيء من قبل المولى على أنّه منه مع عدم العلم بأنّه منه ، وبين الالتزام بإتيانه
____________________________________
المصنّف رحمهالله من التمسك بالإجماع هو التمسك بالإجماع المنقول بخبر الواحد حتى يرد عليه بأنّه ليس بحجّة ، بل يكون مقصوده الإجماع المحصّل ، والشاهد عليه كون عدم الجواز بديهيا عند العوام فضلا عن العلماء كما في كلام البهبهاني.
(ومن العقل : تقبيح العقلاء من يتكلّف من قبل مولاه بما لا يعلم بوروده عن المولى).
يعني : من يلتزم بتكليف من قبل مولاه من دون أن يعلم بأنّه منه فيكون التزامه كذلك قبيحا عند العقلاء لكون ذلك تشريعا لأنّه قد أسند التكليف إلى المولى مع أنّه لا يعلم بأنّه منه.
وتقييد الجهل بكونه مع تقصير في كلام المصنّف رحمهالله حيث قال : (ولو كان عن جهل مع التقصير) لغو ؛ وذلك لأنّ الحكم بالحرمة من حيث التشريع تابع لتحقّق موضوعه ، وهو إسناد الحكم إلى الشارع من دون علم بأنّه منه ، فلا يفرق في ذلك بين من يكون جاهلا مقصّرا أو قاصرا ، فمن اجتهد وبذل وسعه في تحصيل الدليل على اعتبار ظنّ ولم يقف على دليل يحرم عليه العمل بالظن متديّنا بمقتضاه مع أنّه جاهل قاصر.
(نعم ، قد يتوهّم متوهّم أن الاحتياط من هذا القبيل).
يعني : إن الاحتياط يكون من قبيل التشريع ، فلو كان التشريع حراما لكان الاحتياط ـ أيضا ـ حراما ، والتالي باطل بالإجماع لحسن الاحتياط فالمقدّم مثله ، والملازمة هي أنّ التشريع هو الإتيان بشيء لم يعلم أنّه من الشارع ، والاحتياط ـ أيضا ـ هو الإتيان بشيء لم يعلم أنّه منه ، والمصنّف رحمهالله يجيب عن هذا التوهّم بالفرق بينهما ، فيكون قياس الاحتياط بالتشريع قياسا مع الفارق ، فلا ملازمة بينهما في الحكم.
ثم الفرق بينهما كما ذكره المصنّف رحمهالله يكون واضحا ، إذ هما متباينان من حيث الموضوع ، لأنّ موضوع التشريع هو الالتزام بشيء من قبل المولى على أنّه منه مع عدم العلم بأنّه منه ، وموضوع الاحتياط هو الالتزام بإتيان شيء لرجاء كونه من المولى في