وقوله عليهالسلام : (من أفتى الناس بغير علم كان ما يفسده أكثر ممّا يصلحه) (١) ونفس أدلة الاصول.
ثم إنّ ما ذكرنا من الحرمة من الجهتين مبنيّ على ما هو التحقيق من أنّ اعتبار الاصول لفظية كانت أو عملية غير مقيّد بصورة عدم الظن على خلافها.
____________________________________
على حرمة العمل بالظن ، لكونه موجبا لطرح الواقع الحقّ.
(وقوله عليهالسلام : (من أفتى الناس بغير علم كان ما يفسده أكثر ممّا يصلحه).
يدل على حرمة العمل بالظن من جهة كونه مستلزما لطرح الاصول ، إذ العمل به غالبا يكون موجبا لتفويت الواقع ، فيكون ما يفسده من تفويت الواقع أكثر ممّا يصلحه من أدراك الواقع ، إذ قد يكون الظن موافقا للواقع.
فالحرمة تكون من جهة تفويت الواقع وعدم المصلحة لا من جهة التشريع ، ولأنّ العمل بالظن على وجه التعبّد الذي هو تشريع يستلزم الفساد المحض ، ففرض الصلاح يكون قرينة على أنّ المراد هو حرمة العمل به ، لكونه موجبا لتفويت الواقع غالبا.
(ونفس أدلة الاصول).
يعني : يدل على حرمة العمل بالظن نفس أدلة الاصول لأنّ العمل بالظن نقض لليقين بالشك ، فمقتضى دليل الاستصحاب كقوله عليهالسلام : (لا تنقض اليقين أبدا بالشك) (٢) هو حرمة نقض اليقين بالشك ، ثم المراد بالشك هو عدم العلم الشامل للظن ، والشك بالمعنى الأخص ، فالعمل بالظن وطرح الاستصحاب يكون نقض اليقين ، وهو حرام ، فالعمل به يكون حراما.
وقس عليه دليل الحلّية كقوله عليهالسلام : (كل شيء هو لك حلال حتى تعلم أنّه حرام) (٣) فالمستفاد من هذا الدليل هو الحكم بالحلّية الظاهرية إلى حين العلم بالحرمة ، فإذا قام الظن الحاصل من خبر الفاسق بحرمة شيء كان العمل به طرحا لهذا الدليل فيكون حراما.
(ثم إنّ ما ذكرنا من الحرمة من الجهتين مبنيّ على ما هو التحقيق من أنّ اعتبار
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ٢٥ ، أبواب صفات القاضي وما يجوز أن يقضي به ، ب ٤ ، ح ١٣ ، وفيه : (من عمل على غير علم ...).
(٢) الوسائل ١ : ٢٤٥ ، أبواب نواقض الوضوء ، ب ١ ، ح ١.
(٣) الوسائل ١٧ : ٨٩ ، أبواب ما يكتب به ، ب ٤ ، ح ٤.