عرفت أنه من ضروريات العقل ، فضلا عن تطابق الأدلة الثلاثة النقلية عليه.
وإن اريد دلالتها على حرمة العمل المطابق للظن وإن لم يكن عن استناد إليه ، فإنّ اريد حرمته إذا خالف الواقع مع التمكّن من العلم به ، فيكفي في ذلك الأدلة الواقعية.
____________________________________
نفس هذه الآيات ، وذلك لأنّ ظواهرها لا تفيد أكثر من الظن ، فكيف يمكن الاستدلال بالظن على عدم حجّيته؟! فإذا دلّت فرضا على عدم حجّية الظن لدلّت على عدم حجّية أنفسها أيضا ، فيلزم من حجّيتها عدم حجّيتها ، وما يستلزم وجوده عدمه فهو محال.
واخرى : النقض بأنّها لا تشمل المقام ، لأنّها ناهية عن العمل بالظن في اصول الدين ، أو أنّها واردة في مقام الظن السوء ، والتهمة بالمسلمين ، أو غير ذلك ممّا قيل فيها ، ولكن المصنّف رحمهالله يقول : إنّ حرمة التعبّد بالظن قد عرفت أنّها من ضروريات حكم العقل ، فضلا عن تطابق الأدلة على التحريم ، إذ التعبّد به تشريع محرّم بالأدلة الأربعة ، فلا يحتاج إثبات الحرمة إلى الآيات الناهية.
نعم ، الاستدلال بها من باب التأكيد يكون صحيحا. نعم ، يمكن أن تكون هذه الآيات مرشدة إلى حكم العقل بالحرمة التشريعية.
(وإن اريد دلالتها على حرمة العمل المطابق للظن وإن لم يكن عن استناد إليه).
أي : إنّ الآيات تدل على تحريم مجرّد العمل المطابق للظن مطلقا ، سواء كان العمل به اشتهاء أو احتياطا ، فضلا عن كون العمل استنادا إلى الظن ، فيكون العمل به استناد إليه حراما بطريق أولى ، فإن كان المراد حرمة العمل بالظن إذا خالف الواقع مع تمكّن المكلّف من العلم به ، فيكفي في تحريم العمل بالظن نفس الأدلة الواقعية.
مثلا : إذا قام الظن على وجوب الدعاء ، وكان مقتضى الدليل الواقعي حرمته فيكفي في حرمة العمل بالظن وقراءة الدعاء نفس الدليل الواقعي المستفاد منه (لا تقرأ الدعاء) ، فقراءة الدعاء معصية ومخالفة للخطاب الواقعي ، فتكون محرّمة من دون حاجة إلى الاستدلال بالآيات.
فإن قيل : إنّ الأدلة الواقعية لا نظر لها إلى جواز العمل بالظن أو عدم جوازه فكيف تقتضي حرمة العمل به؟
فإنه يقال : إنّها لا تدلّ على حرمة العمل بالظن وحدها ، ولكن تدل على ذلك بضميمة