أحدهما : الأخبار المتواترة المدّعى ظهورها في المنع عن ذلك :
مثل النبويّ : (من فسّر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار) (١).
وفي رواية اخرى : (من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النار) (٢) ، وفي نبويّ ثالث :
(من فسّر القرآن برأيه فقد افترى على الله الكذب) (٣).
وعن أبي عبد الله عليهالسلام : (من فسّر القرآن برأيه إن أصاب لم يؤجر ، وإن أخطأ سقط أبعد من السماء) (٤).
وفي النبويّ العاميّ : (من فسّر القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ) (٥).
وعن مولانا الرضا عليهالسلام ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم ، قال :
____________________________________
وملخّص ما هو المستفاد من هذه الأخبار هو منع الشارع ونهيه عن العمل بالقرآن وعن تفسيره ، وهذا المنع يكون كاشفا عن أنّ مقصود المتكلّم وهو الله تعالى ليس تفهيم مطالبه بنفس هذا الكلام.
فليس القرآن من قبيل المحاورات العرفية الصادرة للإفهام إذ إرادة خلاف الظاهر فيه كثيرة لا يعلمها الّا أهل الذكر عليهمالسلام ، ولذلك منع عن التمسّك بظواهره ، ولو كان يقصد تفهيم المكلّفين بهذه الظواهر مباشرة لما صحّ منه المنع ، ولذلك لا يجوز الاعتماد على عدم القرينة فيه ، ثم الأخذ بظواهره ، إذ أهل اللسان إنّما يعتمدون على أصالة عدم القرينة فيما إذا كان الكلام صادرا للإفهام بنفسه ، والقرآن ليس كذلك.
وعلّة منع العمل بظواهر القرآن ـ على فرض الصحة ـ لا تخلو عن أحد أمرين :
الأمر الأول : يمكن أن يكون ملاك المنع سد باب الاختلاف الناشئ عن الاختلاف في فهم معاني القرآن ، فمنع الناس عن العمل به من دون التفسير الوارد عن المعصوم عليهالسلام لئلّا يختلفوا فيه.
__________________
(١) غوالي اللآلئ ٤ : ١٠٤ / ١٥٤.
(٢) الوسائل ٢٧ : ٢٠٤ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٣ ، ح ٧٦.
(٣) نفس المصدر : ١٩٠ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٣ ، ح ٣٧.
(٤) نفس المصدر : ٢٠٢ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٣ ، ح ٦٦.
(٥) نفس المصدر : ٢٠٥ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٣ ، ح ٧٩.