أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما)(١)) (٢).
وهذا أيضا يدل على تقرير الإمام عليهالسلام لهما في التعرض لاستفادة الأحكام من الكتاب والدخل والتصرف في ظواهره.
ومن ذلك استشهاد الإمام عليهالسلام بآيات كثيرة ، مثل : الاستشهاد لحلّية بعض النساء بقوله تعالى : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ)(٣) ، وفي عدم جواز طلاق العبد بقوله تعالى : (عَبْداً
____________________________________
تدلّ هذه الرواية على عدم جواز العمل بظاهر القرآن من دون تفسير.
والنكتة في التعبير بلا جناح الراجع إلى بيان الترخيص في أصل الجعل والتشريع ، هو أنّ الناس كانوا يتوهّمون أنّ تشريع القصر في السفر أمر بعيد فيه جناح وبأس ، فصرّح الشارع بنفي الجناح دفعا لهذا التوهّم منهم ، كما عبّر بنفس هذا التعبير بالنسبة إلى السعي بين الصفا والمروة حيث قال تعالى : (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) أي : بالصفا والمروة ، فالمراد هو وجوب السعي بينهما وعبّر بنفي الجناح لأنّ الناس كانوا يتوهّمون أنّ تشريع السعي بين الصفا والمروة بعيد لأنّه من عمل المشركين ، فصرّح الشرع بشرعيّته في مقابل توهّمهم ، فنفي الجناح راجع إلى الجعل والتشريع فلا ينافي أن يكون المجعول هو الوجوب ، غاية الأمر يكون رجوع الترخيص الظاهر في المجعول إلى الجعل ، والتشريع على خلاف الظاهر ، فيحتاج إلى بيان.
وتفسير هذا مضافا إلى جواب الإمام عمّا ذكر زرارة ، ومحمد بن مسلم ، الذي يدل على تقرير الإمام لهما لاستنباط الحكم من الكتاب والاستشكال في ظاهره ، فيكون دليلا على حجّية ظاهر القرآن. هذا تمام الكلام فيما دلّ على حجّية ظواهر القرآن بحسب قول الإمام عليهالسلام وتقريره.
وبقي الكلام فيما دلّ على حجّية ظواهر القرآن بحسب فعل الإمام عليهالسلام ، وقد أشار إليه المصنّف رحمهالله بقوله : (ومن ذلك استشهاد الإمام عليهالسلام بآيات كثيرة ، مثل : الاستشهاد لحلّية بعض النساء بقوله تعالى : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) ، وفي عدم جواز طلاق العبد بقوله
__________________
(١) البقرة : ١٥٨.
(٢) الفقيه ١ : ٢٧٨ / ١٢٦٦.
(٣) النساء : ٢٤.