فعلى الأول : فهما بمنزلة آيتين تعارضتا ، لا بدّ من الجمع بينهما بحمل الظاهر على النصّ أو على الأظهر ، ومع التكافؤ لا بدّ من الحكم بالتوقّف والرجوع إلى غيرهما.
____________________________________
القراءة على طبق كل قراءة هل يلازم جواز الاستدلال بها أم لا؟ فإن قلنا بالجواز كان حكم القراءات على فرض عدم التواتر كحكمها على فرض التواتر ، فتكون القراءتان المختلفتان بمنزلة آيتين متعارضتين.
فيقع الكلام في الجهة الرابعة ، أي : بيان حكم تعارض القراءتين في الآية المتقدمة حيث قرئ يطهرن بالتشديد والتخفيف ، فلا بدّ من الجمع بينهما بحمل الظاهر على النصّ ، أو على الأظهر.
وتقريب التعارض بينهما يحتاج إلى بيان ما يدل عليه ـ منطوقا ومفهوما ـ كل من القراءتين ، فمقتضى القراءة بالتشديد منطوقا هو حرمة المقاربة إلى تحصيل الطهارة ، أي : الاغتسال ، ومقتضى مفهومها هو جواز المقاربة بعد الاغتسال وعدم الجواز قبله ، ثم مقتضى القراءة بالتخفيف منطوقا هو حرمة المقاربة إلى النقاء ، يعني : يحرم قبل انقطاع دم الحيض ، فيكون مفهومها هو جواز المقاربة بعد انقطاع الدم وإن لم تغسل ، فيقع التعارض في المقاربة بعد النقاء ، وقبل الغسل ، حيث يكون مقتضى القراءة بالتشديد بحسب المنطوق الحرمة.
ومقتضى التخفيف بحسب المفهوم هو الجواز ، فنقدم القراءة بالتشديد لكون دلالتها بالمنطوق تكون أقوى من دلالة القراءة بالتخفيف ، فنفرض دلالتها بالنصّ أو بالأظهر ، ودلالة القراءة بالتخفيف نفرضها ظاهرا ، فنجمع بينهما بحمل الظاهر على النصّ أو على الأظهر.
(ومع التكافؤ لا بدّ من الحكم بالتوقّف والرجوع إلى غيرهما).
يعني : مع تساوي القراءتين بأن تكونا ظاهرتين ، أو نصّين ، فلا بدّ من الحكم بالتوقّف والرجوع إلى غيرهما من عموم (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ) أي : مزرعة (لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)(١) كما يأتي تفصيله ، أو إلى استصحاب الحرمة حال الحيض ، فيحكم على
__________________
(١) البقرة : ٢٢٣.