وممّا ذكرنا يظهر أنّه لو نذر أحد أن يتصدّق كلّ يوم بدرهم ما دام متيقّنا بحياة ولده ، فانّه
____________________________________
ثم إنّ القطع في المقام الأول قد اخذ في موضوع جواز الشهادة على نحو الصفتية وفي المقام الثاني يكون القطع طريقيا.
إذا عرفت هذه المقدمة يتضح لك أنّ القطع في المقام الأول لمّا كان مأخوذا في الموضوع على وجه الصفتية لا يجوز للشاهد الاستناد إلى البيّنة ، فلا بدّ له من الاستناد إلى القطع ، فإذا كان قاطعا جاز له أداء الشهادة وإلّا فلا.
نعم ، يجوز له الاستناد إلى البيّنة في المقام الثاني ، وهو مقام العمل بالقطع لأنّ القطع فيه طريقي فتقوم البيّنة مقامه ، كما تقدّم.
(كما يظهر من رواية حفص الواردة في جواز الاستناد إلى اليد).
وهي من الروايات المشهورة ، رواها حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال له رجل : إذا رأيت شيئا في يد رجل أيجوز لي أن أشهد أنّه له؟ قال : (نعم) ، قال الرجل : أشهد أنّه في يده ، ولا أشهد أنّه له ، فلعلّه لغيره ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : (أ فيحلّ الشراء منه؟) قال : نعم ، قال أبو عبد الله عليهالسلام : (فلعلّه لغيره ، من أين جاز لك أن تشتريه ويصير ملكا لك ، ثم تقول بعد الملك : هو لي وتحلف عليه ، ولا يجوز أن تنسبه إلى من صار ملكه من قبله إليك) ، ثم قال أبو عبد الله عليهالسلام : (ولو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق!) (١).
فالمستفاد من هذه الرواية هو ثبوت التلازم بين جواز العمل وهو الشراء وبين جواز أداء الشهادة ، فدلالة الرواية على جواز الاستناد إلى اليد في الشهادة ممّا لا تخفى ، بل تدل على جواز الاستناد في الشهادة إلى كلّ ما يجوز الاستناد إليه في مقام العمل ، كما يظهر من كلام المصنف قدسسره.
وظاهر قول الإمام عليهالسلام حيث قال : (من أين جاز لك أن تشتريه) هو ثبوت التلازم بين ترتيب أحكام الملك بمقتضى الأمارات الشرعية ، وبين جواز الشهادة من غير اختصاص ذلك باليد ، وإن وقعت موردا للسؤال.
(وممّا ذكرنا يظهر) أي : وممّا ذكرنا من أنّ الأمارات لا تقوم مقام القطع المأخوذ في
__________________
(١) فروع الكافي ٧ : ٣٨٧ / ١. الوسائل ٢٧ : ٢٩٢ ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ، ب ٢٥ ، ح ٢.