الغفلة من المتكلّم في محلّ الكلام مفروض لكونه معصوما ، وليس اختفاء القرينة علينا مسبّبا عن غفلتنا عنها ، بل لدواعي الاختفاء الخارجة عن مدخليّة المتكلّم ، ومن القي إليه الكلام.
فليس هنا شيء يوجب بنفسه الظن بالمراد ، حتى لو فرضنا الفحص ، فاحتمال وجود القرينة حين الخطاب واختفائه علينا ليس هنا ما يوجب مرجوحيّته ، حتى لو تفحصنا عنها ولم نجدها ، إذ لا تحكم العادة ـ ولو ظنّا ـ بأنّها لو كانت لظفرنا بها ، إذ كثير من الامور قد اختفت علينا.
بل لا يبعد دعوى العلم بأن ما اختفى علينا من الأخبار والقرائن أكثر ممّا ظفرنا بها ، مع أنّا لو سلّمنا حصول الظن بانتفاء القرائن المتصلة ، لكن القرائن الحالية وما اعتمد عليه المتكلّم من الامور العقلية أو النقلية الكلية أو الجزئية المعلومة عند المخاطب ، الصارفة لظاهر الكلام ، ليست ممّا يحصل الظن بانتفائها بعد البحث والفحص. ولو فرض حصول الظن من الخارج بإرادة الظاهر من الكلام لم يكن ذلك ظنا مستندا إلى الكلام ، كما نبّهنا عليه في أول المبحث.
____________________________________
يقصد إفهامه ، وأمّا ما ذكره من عدم انحصار وقوع غير من قصد إفهامه على خلاف الظاهر بغفلة المتكلّم أو المخاطب صحيح الّا أن منشأ الظهور لا يختصّ بأصالة عدم الغفلة ، بل هو أصالة الظهور ، أو أصالة عدم القرينة الجارية في حقّ من لم يقصد إفهامه أيضا.
والجواب مذكور في الكتاب على نحو التفصيل مع الأمثلة العرفية ، فلا يحتاج إلى البيان أكثر ممّا هو في الكتاب.
(وليس اختفاء القرينة علينا مسبّبا عن غفلتنا ، بل لدواعي الاختفاء).
أي : إن اختفاء القرائن لم يكن من جهة الشارع وغفلته ، بل عدم تحقّق الغفلة منه مفروغ عنه الكلام لكونه معصوما ، ولا من جهة غفلة المجتهدين ، بل للدواعي الخارجة عنهما كتقطيع الأخبار ، أو نقلها بالمعنى أو غيرهما ممّا يكون موجبا لزوال القرائن ، أو كانت القرينة حالية.
(وما اعتمد عليه المتكلّم من الامور العقلية أو النقلية ، الكلّية أو الجزئية).
فلا بدّ من ذكر أربعة أمثلة :