ذلك الظاهر ، سلّمنا ، ولكن ذلك ظن مخصوص ، فهو من قبيل الشهادة لا يعدل عنه إلى غيره إلّا بدليل.
لأنّا نقول : أحكام الكتاب كلّها من قبيل خطاب المشافهة ، وقد مرّ أنه مخصوص بالموجودين في زمن الخطاب ، وأن ثبوت حكمه في حقّ من تأخّر إنّما هو بالإجماع وقضاء الضرورة باشتراك التكليف بين الكل. وحينئذ فمن الجائز أن يكون قد اقترن ببعض تلك الظواهر ما يدلهم على إرادة خلافها ، وقد وقع ذلك في مواضع علمناها بالإجماع ونحوه ، فيحتمل الاعتماد في تعريفنا لسائرها على الأمارات المفيدة للظنّ القوي ، وخبر الواحد من جملتها.
ومع قيام هذا الاحتمال ينفى القطع بالحكم. ويستوي ـ حينئذ ـ الظن المستفاد من
____________________________________
إلى أن قال : سلّمنا عدم كون الظاهر مقطوعا ، لاحتمال غفلة من ينظر إلى الكتاب عن القرينة أو اختفائها عليه (ولكن ذلك ظن مخصوص ، فهو من قبيل الشهادة) في الموضوعات ، فلا يعدل عن هذا الظن إلى غيره الّا بدليل.
ثم أجاب بقوله : (لأنّا نقول : أحكام الكتاب كلّها من قبيل خطاب المشافهة ، وقد مرّ أنه مخصوص بالموجودين في زمن الخطاب) بمعنى : إن خطابات الكتاب مختصّة بالموجودين في زمن الخطاب ، فلا تشمل من تأخّر عنهم فلا يجوز لهم إجراء أصالة الحقيقة وعدم القرينة ، لأنّهم غير مقصودين بالخطابات المزبورة.
فالمقصود بالإفهام بهذه الخطابات هم الموجودون في زمن الخطاب دون المعدومين ، فيكون المستفاد من هذا الكلام هو التفصيل المتقدم ، انتهى محل الشاهد من كلامه.
(فمن الجائز أن يكون قد اقترن ببعض تلك الظواهر ما يدلهم) أي : قرينة تدل المشافهين على إرادة خلاف الظواهر ، ولكنها اختفت علينا(وقد وقع ذلك) أي : إرادة خلاف الظاهر(في مواضع) من الكتاب.
وقد علمنا هذه المواضع بالإجماع (فيحتمل الاعتماد في تعريفنا لسائرها على الأمارات المفيدة للظنّ القوي ، وخبر الواحد من جملتها) أي : الأمارات ، فنعمل بالخبر من باب انسداد باب العلم.
(ومع قيام هذا الاحتمال) أي : إرادة خلاف الظاهر من الكتاب واختفاء القرينة علينا