ثم إنّك قد عرفت أن مناط الحجيّة والاعتبار في دلالة الألفاظ هو الظهور العرفي ، وهو كون الكلام بحيث يحمل عرفا على ذلك المعنى ولو بواسطة القرائن المقامية المكتنفة بالكلام. فلا فرق بين إفادته الظن بالمراد وعدمها ، ولا بين وجود الظن غير المعتبر على خلافه وعدمه ، لأن ما ذكرنا من الحجّة على العمل بها جار في جميع الصور المذكورة.
____________________________________
الجامع للشرائط الآتية المفيدة للظن من منع جواز العمل بظواهر الكتاب في مورد قيام الخبر على خلافها فاسد ـ خبر ـ لأن خبر الواحد عنده لم يكن حجّة الّا بالانسداد ، فكيف يكون حجّة في مقابل الكتاب ومقدما عليه؟ بل الصحيح هو العمل بظاهر الكتاب بمقتضى أصالة الحقيقة ما لم تقم قرينة معتبرة على الخلاف.
(ثم إنّك قد عرفت) في توجيه كلام المحقّق القمي (أن مناط الحجّية والاعتبار في دلالة الألفاظ هو الظهور العرفي).
اختلف الاصوليون في مناط حجّية الظواهر ، بعد كونها حجّة من باب الظن الخاص دون المطلق.
فذهب بعضهم إلى أن المناط في الحجّية هو الظن الشخصي وبعضهم إلى أن المناط في حجّيتها هو التعبّد العقلائي.
وذهب جماعة ـ ومنهم المصنّف رحمهالله ـ إلى أن المناط هو الظن النوعي لا الظن الشخصي ، ولا مجرد التعبّد العقلائي ، والظن النوعي هو كون الكلام بحيث يفيد لنوع الإنسان الظن بالمراد(ولو بواسطة القرائن) إذ الظهور قد يكون بسبب الوضع كظهور لفظ : أسد ، في الحيوان المفترس ، وقد يكون بالقرينة كظهور لفظ : الاسد الرامي ، في الرجل الشجاع.
فإذا كان المناط في حجّية الظواهر هو الظن النوعي فلا فرق في حجّية الظواهر بين إفادتها الظن بالمراد فعلا (وعدمها) أي : عدم إفادة الظن فعلا فيما إذا كان السامع قد خرج عن المتعارف بالوسواس ، ولا فرق ـ أيضا ـ بين وجود الظن غير المعتبر على الخلاف كالشهرة مثلا ، وعدم الظن غير المعتبر على الخلاف ، لأن ما دلّ على حجّية الظواهر من الإجماع وسيرة أهل اللسان يشمل جميع هذه الصور ، فإنّهم يعملون بها سواء حصل الظن فعلا لهم أم لا ، وسواء قام على خلافها ظن غير معتبر ، أم لا.
ولعلّ المراد من الظن غير المعتبر هو المشكوك الاعتبار ، كالظن الحاصل من الشهرة ، لا