هذا ، ولكن الانصاف أن مورد الحاجة إلى قول اللغويين أكثر من أن تحصى في تفاصيل المعاني بحيث يفهم دخول الأفراد المشكوكة أو خروجها ، وإن كان المعنى في الجملة معلوما من دون مراجعة قول اللغوي ، كما في مثل ألفاظ : الوطن ، والمفازة ، والتمر ، والفاكهة ، والكنز ، والمعدن ، والغوص ، وغير ذلك من متعلّقات الأحكام ممّا لا يحصى ، وإن لم تكن الكثرة بحيث
____________________________________
أولا وبالذات ، ويكون بالأحكام ثانيا وبالعرض ، وأمّا في الوجه الرابع فيكون بالعكس ، ومقتضى الانسداد في الأحكام هو حجّية مطلق الظن ، حتى الظن الحاصل من قول اللغوي في مسألة الصعيد ، ولو فرض انفتاح باب العلم في جميع اللغات الّا الصعيد مثلا.
(هذا ولكن الانصاف أن موارد الحاجة إلى قول اللغويين أكثر من أن تحصى).
يظهر من هذا الكلام ترجيح الوجه الثالث فيكون قريبا إلى الصحة في الجملة ، لأنّ موارد الانسداد والحاجة إلى قول اللغويين في تفاصيل المعاني أكثر من أن تحصى ، وإن كانت المعاني معلومة إجمالا ، فربّ لفظ نعلم معناه الإجمالي ولا نحتاج فيه إلى قول اللغوي ، ولكن لا نعلم معناه على وجه التفصيل فنحتاج فيه إلى قول اللغوي ، كما في الألفاظ التالية :
منها : الوطن ، لا نعلم بأنّه مختصّ بمسقط الرأس أو يعمّه والوطن الاتخاذي ، ثم إذا كان الوطن هو الأول فقط ، فهل يخرج عن كونه وطنا بالإعراض أم لا؟.
ومنها : المفازة من الأراضي الموات ، هل يدخل فيها مكان البحر إذا زال الماء عنه أم لا؟ ثم هل يخرج منها ما أحاطه الماء أم لا؟.
ومنها : التمر ، هل يدخل فيه الرطب أم لا؟.
ومنها : الفاكهة ، هل يدخل فيها الجوز أم لا؟.
ومنها : الكنز ، وهو المال تحت الأرض ، هل يدخل فيه ما يوجد في الصندوق أم لا؟ ثم هل يخرج منه ما ظهر من تحت الأرض أم لا؟.
ومنها : المعدن ، وهو ما استخرج من الأرض ممّا كان أصله جزءا من الأرض ، هل يدخل فيه مثل الجص أم لا؟.
ومنها : الغوص ، وهو ما اخرج من الماء بالغوص ، وهل يدخل فيه ما يؤخذ عن ساحل البحر أم لا؟ وغير هذه الألفاظ ممّا تعلّقت بها الأحكام.