بالإيمان والفسق والشجاعة والكرم ، وغيرها من الملكات. وإنّما لا يرجع إلى الإخبار في العقليّات المحضة ، فإنّه لا يعوّل عليها ، وإن جاء بها ألف من الثّقات حتى يدرك مثل ما أدركوا».
ثم أورد على ذلك : «بأنّه يلزم من ذلك الرجوع إلى المجتهد ؛ لأنّه وإن لم يرجع إلى الحسّ في نفس الأحكام ، إلّا أنّه رجع في لوازمها وآثارها إليه ، وهي أدلّتها السمعيّة ، فيكون رواية ، فلم لا يقبل إذا جاء به الثقة؟!».
وأجاب : «بأنّه إنّما يكفي الرجوع إلى الحسّ في الآثار إذا كانت الآثار مستلزمة له عادة ،
____________________________________
الحسّي ، فيكون حجّة ، فكل خبر حدسي يكون له آثار حسّية كما في الإخبار بالإيمان والفسق والشجاعة يكون حجّة ، والمقام من هذا القبيل ؛ لأنّ الاتفاق المحسوس يكون من آثار مقالة المعصوم عليهالسلام.
(وإنّما لا يرجع إلى الإخبار في العقليّات المحضة) ، ولا يرجع إلى الإخبار في العقليات المحضة ، كالحكم باستحالة اجتماع النقيضين أو الضدين أو غيرها ، فلا يكون الإخبار بهذه الامور حجّة.
(ثمّ أورد على ذلك ... إلى آخره) ، لقد أورد على جوابه الثاني ، أعني : حجّية الإخبار عن حدس إذا كان مستندا إلى الآثار الحسّية (بأنّه يلزم من ذلك الرجوع إلى المجتهد) بأن تكون فتوى كلّ مجتهد حجّة على مجتهد آخر مع أنّه لم يقل به أحد ، إذ تختصّ حجّية فتوى كلّ مجتهد لمقلّديه.
وبيان الإشكال : إنّه لو كان نقل الإجماع حجّة من جهة المسبب لزم أن تكون فتوى كل مجتهد حجّة على مجتهد آخر ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله ، والملازمة ثابتة. وذلك ، كما أنّ ناقل الإجماع لم يسمع الحكم من الإمام عليهالسلام ، بل يتحدّس به من المبادئ الحسّية ، وهي أقوال الفقهاء ، فكذلك المفتي لم يسمع الحكم من الإمام عليهالسلام ، بل يحدس به من المبادئ الحسّية ؛ وهي الكتاب والسنّة ، فإذا كان الإجماع حجّة بعنوان كونه قول الإمام عليهالسلام ، فيصدق عليه الخبر والرواية ؛ لكان فتوى المفتي أيضا حجّة ورواية ، والتالي باطل بالإجماع ، فالمقدّم مثله.
(وأجاب : بأنّه إنّما يكفي الرجوع إلى الحسّ في الآثار إذا كانت الآثار مستلزمة له عادة)