صادف قطعه الواقع دون الآخر ، أو العكس. لا سبيل إلى الثاني والرابع ، والثالث مستلزم لإناطة استحقاق العقاب بما هو خارج عن الاختيار ، وهو مناف لما يقتضيه العدل ، فتعيّن الأوّل.
ويمكن الخدشة في الكلّ :
____________________________________
(أو العكس) أي : يستحقه من لم يصادف قطعه الواقع ، ولا يستحقه من يصادف قطعه الواقع.
(لا سبيل إلى الثاني) عقلا وهو عدم استحقاقهما ، لأنّ معناه أنّ العاصي لا يعاقب ، وعدم استحقاق من يشرب الخمر للعقاب مخالف لضرورة من ضروريات الدين ، بل هو تشجيع للعاصي على عصيانه فينفتح باب المعاصي لكل المكلّفين.
وكذا لا سبيل إلى (الرابع) وهو عدم استحقاق العقاب لمن شرب الخمر ، واستحقاقه لمن شرب المائع باعتقاد أنّه خمر لأنّه مستلزم لعقاب غير العاصي وعدم عقاب العاصي ، وهذا مضافا إلى كونه مخالفا لضروريات الدين وتشجيعا للعاصي ومنافيا لمقتضى العدل والحكمة يكون ترجيحا للمرجوح ـ وهو عدم المصادفة ـ على الراجح وهو المصادفة.
(والثالث) هو استحقاق من صادف قطعه الواقع للعقاب دون من لم يصادف قطعه الواقع ، وهذا باطل أيضا ، لاستلزامه العقاب بما هو خارج عن القدرة والاختيار وهو المصادفة ، والعقاب بأمر غير اختياري قبيح ومناف لمقتضى العدل ، وهو لا يصدر من عاقل فضلا عن الشارع الحكيم ، فالمتعيّن هو الأول وهو أنّ كليهما يستحق العقاب ، فثبت أنّ التجرّي يوجب العقاب ، فيكون القطع المخالف للواقع حجّة.
(ويمكن الخدشة في الكل).
نقول : أمّا الاشكال في مسألة ظن ضيق الوقت ، ومسألة سلوك الطريق المظنون الخطر اللتين أدّعي عليهما الاجماع ، فهما ليستا من موارد التجرّي.
أمّا الاولى : فلأنّ خوف الضيق يكون تمام الموضوع لوجوب الاتيان بالواجب فورا فلا يتصوّر الخلاف ليكون من باب التجرّي ، فيخرج عن مبحث التجرّي.
وأمّا الثانية : فلأن حكمهم بوجوب الاتمام لمن ظن الخطر في الطريق مبنيّ على وجوب دفع الضرر عقلا ظنيا كان الضرر أو قطعيا ، لأنّ إلقاء النفس فيما لا يؤمن من ضرره قبيح