وعن المحدّث المجلسي قدسسره ، في كتاب الصلاة من البحار ، بعد ذكر معنى الإجماع ووجه حجّيّته عند الأصحاب : «إنّهم لمّا رجعوا إلى الفقه كأنّهم نسوا ما ذكروه في الاصول ـ ثم أخذ في الطعن على إجماعاتهم ، إلى أن قال ـ : فيغلب على الظّن أنّ مصطلحهم في الفروع غير ما جروا عليه في الاصول» انتهى.
والتحقيق أنّه لا حاجة إلى ارتكاب التأويل في لفظ الإجماع بما ذكره الشهيد ، ولا إلى ما ذكره المحدّث المذكور قدسسرهما ، من تغاير مصطلحهم في الفروع والاصول ، بل الحقّ أنّ دعواهم للإجماع في الفروع مبنيّ على استكشاف الآراء ورأي الإمام عليهالسلام ، إمّا من حسن الظنّ بجماعة من السلف ، أو من امور تستلزم باجتهادهم إفتاء العلماء بذلك وصدور الحكم عن
____________________________________
المزبور.
والمحقّق حكم بأنّ المذهب لا يكشف بإطلاق اللفظ ، فلا يصحّ لنا نسبة الاتفاق إليهم بالنسبة إلى الحكم المذكور إلّا إذا علمنا بأنّهم قصدوا ذلك من إطلاق اللفظ.
والملخّص : إنّه لا يجوز نسبة قول إلى فقيه إلّا بعد العلم بأنّه منه ، فلا يجوز بمجرّد وجود عموم أو إطلاق في القرآن الحكم بأنّ الفقهاء كلهم ذهبوا إلى ذلك العموم أو الإطلاق ، ما لم نعلم أقوالهم فيهما ، إذ لعلّهم وجدوا للعموم مخصّصا وللإطلاق مقيّدا.
ثم يقول المصنّف قدسسره : إنّ ما أفاده المحقّق يكون في غاية المتانة ، ولكن ما ذكره الحلّي ـ أيضا ـ يكون صحيحا لما عرفت من المسامحة في إطلاق لفظ الإجماع من جماعة كالمفيد والسيد والشيخ والحلّي ، حيث أطلقوه على اتفاق الكلّ من دون تتبع في أقوالهم ، بل بكشفها بالاجتهادات.
(والتحقيق أنّه لا حاجة إلى ارتكاب التأويل في لفظ الإجماع بما ذكره الشهيد ، ولا إلى ما ذكره المحدّث المذكور) ، إذ لا حاجة إلى تأويل الإجماع بأحد الوجوه التي ذكرها الشهيد ، ولا إلى ما ذكره صاحب البحار من تغاير اصطلاح العلماء في الاصول والفروع ، حيث يقولون في الاصول : إنّ الإجماع هو اتفاق الكل ، ثمّ ينسون في الفروع ، فيدّعون الإجماع فيها مع وجود المخالف.
(بل الحقّ أنّ دعواهم للإجماع في الفروع مبنيّ على استكشاف الآراء ورأي الإمام ، إمّا من حسن الظن بجماعة السلف ، أو من امور تستلزم باجتهادهم إفتاء العلماء بذلك).