وما أبعد ما بين ما استند إليه الحلّي في هذا المقام وبين ما ذكره المحقّق في بعض كلماته المحكيّة! حيث قال : «إنّ الاتّفاق على لفظ مطلق شامل لبعض أفراده الذي وقع فيه الكلام لا يقتضي الإجماع على ذلك الفرد ؛ لأنّ المذهب لا يصار إليه من إطلاق اللفظ ما لم يكن معلوما من القصد ، لأنّ الإجماع مأخوذ من قولهم : أجمع على كذا ، إذا عزم عليه ، فلا يدخل في الإجماع إلّا من علم منه القصد إليه ، كما أنّا لا نعلم مذهب عشرة من الفقهاء الذين لم ينقل مذهبهم لدلالة عموم القرآن وإن كانوا قائلين به» ، انتهى كلامه.
وهو في غاية المتانة ، لكنّك عرفت ما وقع من جماعة من المسامحة في إطلاق لفظ الإجماع ، وقد حكي في المعالم عن الشهيد : «إنّه أوّل كثيرا من الإجماعات ؛ لأجل مشاهدة المخالف في مواردها ، بإرادة الشهرة أو بعدم الظفر بالمخالف حين دعوى الإجماع ، أو بتأويل الخلاف على وجه لا ينافي الإجماع ، أو بإرادة الإجماع على الرواية وتدوينها في كتب الحديث» انتهى.
____________________________________
الإعالة ، فتجب فطرة من كان عيالا له ، سواء كان ولدا أو امّا أو أبا أو زوجة مطيعة أو ناشزة ما دامت في بيت زوجها أو غيرها من الأجانب ، أو هو وجوب الإنفاق فلا تجب فطرة الزوجة الناشزة على الزوج لعدم وجوب نفقتها عليه.
فالحاصل أنّه لا يجوز الاعتماد على مثل هذا الإجماع المستند إلى الحدس والاجتهاد(وما أبعد ما بين ما استند إليه الحلّي في هذا المقام وبين ما ذكره المحقّق ... إلى آخره) والأعجب من بعد المشرقين هو ما استند إليه الحلّي في المقام من نسبته الحكم ، بوجوب فطرة الزوجة على الزوج ، إلى اتفاق العلماء بمجرد تدوينهم الأخبار المطلقة الدالة على وجوب فطرة الزوجة على الزوج ، تخيّلا بأخذهم إطلاقها.
وما ذكره المحقّق من أنّ الاتفاق على لفظ مطلق لا يقتضي الإجماع على ذلك! وأنّ مجرّد ذكر المفتي لفظا مطلقا لا يدل على أخذه بالإطلاق ، ما لم يعلم أنّه قصد الإطلاق ، فإذا رأينا العلماء ذكروا الأخبار المطلقة الدالة على وجوب فطرة الزوجة على الزوج ، لا يصحّ لنا نسبة الحكم المستفاد من الإطلاق إليهم ، فنقول : إنهم أجمعوا على وجوب فطرة الزوجة وإن كانت ناشزة على الزوج ، ما لم نعلم قصد ذلك منهم.
فما ذكره المحقّق قدسسره يكون نقيضا لما تقدّم من الحلّي ، فإنّه حكم باتفاقهم على وجوب فطرة الزوجة الناشزة على الزوج ؛ لاتفاقهم على تدوين المطلق الدال بإطلاقه على الحكم