والحاصل أنّ المتتبّع في الإجماعات المنقولة يحصل له القطع من تراكم أمارات كثيرة باستناد دعوى الناقلين للإجماع ـ خصوصا إذا أرادوا به اتّفاق علماء جميع الأعصار ، كما هو الغالب في إجماعات المتأخّرين ـ إلى الحدس الحاصل من حسن الظّن بجماعة ممّن تقدّم على الناقل ، أو من الانتقال من الملزوم إلى لازمه ، مع ثبوت الملازمة باجتهاد الناقل واعتقاده.
وعلى هذا تنزّل الإجماعات المتخالفة من العلماء مع اتحاد العصر أو تقارب العصرين ، وعدم المبالاة كثيرا بإجماع الغير والخروج عنه للدليل ، وكذا دعوى الإجماع مع وجود المخالف ، فإنّ ما ذكرنا في مبنى الإجماع من أصحّ المحامل لهذه الامور المنافية لبناء دعوى الإجماع على تتبّع الفتاوى في خصوص المسألة.
____________________________________
ثم يقول المصنّف قدسسره : إنّ الإجماعات المنقولة مبنيّة على الحدس والاجتهاد الناشئ من حسن ظن الناقل بجماعة أو من الملزوم ، فيتحدّس الناقل من اتفاق الجماعة اتفاق الكل ، أو من اتفاقهم على العمل بالأصل على اتفاقهم بما هو لازم هذا الأصل مثلا ، فينتقل من الملزوم إلى لازمه مع ثبوت الملازمة باجتهاد الناقل ، كما تقدّم من الحلّي ، حيث انتقل من تدوين العلماء أخبار المضايقة إلى اتفاقهم على وجوب الفور والمضايقة في قضاء الفوائت ، فيحصل القطع لمن تتبع في الإجماعات المنقولة من تراكم أمارات كثيرة على كونها مستندة إلى الاجتهاد والحدس (وعلى هذا تنزّل الإجماعات المتخالفة من العلماء) فتنزّل الإجماعات المتخالفة على كون الإجماع مستندا إلى الحدس والاجتهاد ، فتكون مبنيّة على الحدس.
(فإنّ ما ذكرنا في مبنى الإجماع من أصحّ المحامل لهذه الامور المنافية لبناء دعوى الإجماع على تتبع الفتاوى في خصوص المسألة).
أي : ما ذكرنا من كون هذه الإجماعات مبنية على الحدس والاجتهاد من أصح المحامل لهذه الإجماعات المنافية لكونها مستندة إلى تتبع الفتاوى ، إذ لو كانت مستندة إلى تتبع الناقل لفتاوى الفقهاء لما وصلت الاختلافات بهذه الدرجة.
فنفس هذه الاختلافات في الإجماعات المنقولة يكون أقوى شاهد على كونها مبنيّة على اجتهاد وحدس ناقليها ، فتكون هذه الإجماعات مبنية على الاجتهاد والحدس.