وذكر المحقّق السبزواري في الذخيرة ، بعد بيان تعسّر العلم بالإجماع : «إنّ مرادهم بالإجماعات المنقولة في كثير من المسائل ، بل في أكثرها ، لا يكون محمولا على معناه الظاهر ، بل إمّا يرجع إلى اجتهاد من الناقل مؤدّ بحسب القرائن والأمارات التى اعتبرها إلى أنّ المعصوم عليهالسلام موافق في هذا الحكم ، أو مرادهم الشهرة أو اتفاق أصحاب الكتب المشهورة ، أو غير ذلك من المعاني المحتملة».
ثم قال بعد كلام له : «والذي ظهر لي من تتبّع كلام المتأخرين أنّهم كانوا ينظرون إلى كتب الفتاوى الموجودة عندهم في حال التأليف ، فإذا رأوا اتّفاقهم على حكم قالوا : إنّه إجماعي ، ثمّ إذا اطّلعوا على تصنيف آخر خالف مؤلّفه الحكم المذكور رجعوا عن الدعوى المذكورة ، ويرشد إلى هذا كثير من القرائن التي لا يناسب هذا المقام تفصيلها» انتهى.
وحاصل الكلام ـ من أوّل ما ذكرنا إلى هنا ـ أنّ الناقل للإجماع إن احتمل في حقّه تتبّع
____________________________________
ويؤيد ما ذكره المصنّف من كون هذه الإجماعات مبنية على الحدس ، ما أفاده المحقّق السبزواري ، حيث قال في الذخيرة ما خلاصته : إنّ مرادهم بالإجماعات المنقولة ، لا يكون معناها الظاهر في تتبع الأقوال فردا فردا ؛ لعدم تمكن الناقل من تحصيل الأقوال بالتتبع ، لتفرق العلماء وتشتتهم في أصقاع الأرض.
(بل إمّا يرجع إلى اجتهاد من الناقل) ، كانتقاله بالحدس والاجتهاد من اتفاقهم على العمل بالأصل إلى اتفاقهم على حكم يقتضيه ذلك الأصل مثلا ، أو يكون (مرادهم) من الإجماع (الشهرة ، أو اتفاق أصحاب الكتب المشهورة أو غير ذلك من المعاني المحتملة) ، كاتفاق المعروفين أو اتفاق أصحاب الكتب الأربعة في الروايات.
ثمّ يقول السبزواري : (والذي ظهر لي) أنّ الناقلين للإجماع يدّعونه حينما (ينظرون إلى كتب الفتاوى الموجودة عندهم في حال التأليف ، فإذا رأوا اتفاقهم على حكم قالوا : إنّه إجماعي). وإذا وجدوا المخالف (رجعوا عن الدعوى المذكورة ، ويرشد إلى هذا كثير من القرائن) منها : تعارض الإجماعين من شخص واحد ، ومنها : عدول المفتي عن الفتوى التي ادّعى فيها الإجماع.
فالحاصل أنّ المحقّق السبزواري قدسسره يكون موافقا للمصنّف قدسسره في الجملة ، أي : في كون مبنى بعض هذه الإجماعات هو الحدس.