أنّهم كثيرا ما ينقلون شيئا ممّا ذكر ، معتمدين على نقل غيرهم من دون تصريح بالنقل عنه والاستناد إليه لحصول الوثوق به ، وإن لم يصل إلى مرتبة العلم ، فيلزم قبول خبر الواحد فيما نحن فيه أيضا ، لاشتراك الجميع في كونها نقل قول غير معلوم من غير معصوم وحصول الوثوق بالناقل ، كما هو المفروض.
وليس شيء من ذلك من الاصول حتّى يتوهّم عدم الاكتفاء فيه بخبر الواحد ـ مع أنّ هذا الوهم فاسد من أصله كما قرّر في محلّه ـ ولا من الامور المتجدّدة التي لم يعهد
____________________________________
الأسئلة (أو غيرها) أي : غير الشرعيّات كنقل قول اللغوي والادباء وغيرهما.
(فيلزم) بمقتضى السيرة المذكورة (قبول خبر الواحد فيما نحن فيه أيضا ؛ لاشتراك الجميع في كونها نقل قول غير معلوم من غير معصوم) وكذا لاشتراك الجميع (وحصول الوثوق بالناقل ، كما هو المفروض).
قوله : (وليس شيء من ذلك من الاصول) دفع لما يمكن أن يتوهّم من أنّ ما ذكره في ضمن الوجوه الأربعة من نقل فتاوى المجتهدين إلى مقلديهم إلى نقل الشهرة يكون من المسائل الاصولية ، وخبر الواحد لا يكون حجّة في المسائل الاصولية ، فأجاب عنه :
أولا : بقوله : (وليس شيء من ذلك) ، أي : ما ذكر من الامور(من الاصول) حتى يتوهّم عدم حجّية خبر الواحد فيها ، إذ الاصول هي القواعد الكلية الممهدة لاستنباط الأحكام الشرعية ، والمذكورات موضوعات جزئية ، هذا أولا.
وثانيا : إنّ توهّم عدم حجّية خبر الواحد في المسألة الاصولية (فاسد من أصله) ؛ لأنّ التوهّم المذكور يكون ناشئا من أحد أمرين :
أحدهما : أصالة حرمة العمل بالظنّ.
وثانيهما : استبعاد إثبات ما هو مبنى الفقه من المسألة الاصولية بخبر الواحد.
والجواب عن الأول : إنّ خبر الثقة قد خرج عن أصالة حرمة العمل بالظنّ بالدليل ، فيكون حجّة مطلقا سواء كان متعلقا بالأحكام أو غيرها.
والجواب عن الثاني : إنّه مجرّد استبعاد لا أثر له بعد قيام الدليل على اعتبار خبر الواحد مطلقا ، وقوله : (ولا من الامور المتجدّدة) دفع لما يتوهّم من أنّ الامور المذكورة تكون من الامور المتجدّدة التي لا تنتهي إلى زمان المعصوم عليهالسلام حتى يستكشف تقريره ، فيكون