تأخّر عن الناقل أم عاصره ، وسواء أدّى فكره إلى الموافقة له أو المخالفة كما هو الشأن في معرفة سائر الأدلّة ، وغيرها ممّا تعلّق بالمسألة ، فليس الإجماع إلّا كأحدها.
فالمقتضي للرجوع إلى النقل هو مظنّة وصول الناقل إلى ما لم يصل هو إليه من جهة السبب أو احتمال ذلك ، فيعتمد عليه في هذا خاصّة بحسب ما استظهر من حاله ونقله وزمانه ويصلح كلامه مؤيّدا فيما عداه ، مع الموافقة لكشفه عن توافق النسخ وتقويته للنظر.
____________________________________
الاحتمال الأول لا عكسه ، إلّا أن يكون المراد من الاحتمال الأول هو تساوي المنقول إليه مع الناقل ، ومن هذا الاحتمال مزيّة المنقول إليه عليه. فالاحتمال الثاني وإن كان غير الاحتمال الأول ولكن لا يكون عكسه كما لا يخفى.
فعلى هذا يكون فاعل (إن تفرد بشيء) هو المنقول إليه لا الناقل ، كما هو في شرح الاعتمادي وحاشيته رحمهالله ، فالمعنى ـ حينئذ ـ : إنّ للناقل مزيّة على المنقول إليه لأنّه قد وصل إلى أقوال لم يصل إليها المنقول إليه ، وإنّ تفرد المنقول إليه ببعض الأشياء النادرة لا يعتنى به ، فعليه أن لا يكتفي به ، بل (يستفرغ وسعه ... إلى آخره).
(وغيرها) أي : غير الأدلّة كالتعادل والتراجيح والتخصيص والتقييد ، ممّا له علاقة بالمسألة.
وقوله : (فالمقتضي للرجوع إلى النقل) دفع لما يتوهّم من أنّ المنقول إليه قد يستغني عن المنقول ، بل يعمل بما هو المحصّل ، فلا فائدة ـ حينئذ ـ لرجوعه إلى نقل الإجماع.
وحاصل الدفع : هو أنّ المقتضي للرجوع إلى النقل هو مظنّة وصول الناقل إلى ما لم يصل هو أي : المجتهد المنقول إليه (من جهة السبب) وهو الأقوال.
(ويصلح كلامه مؤيّدا فيما عداه) ، أي : ويصلح أن يكون كلام الناقل مؤيّدا للمنقول إليه في غير ما لم يصل إليه المنقول إليه.
وبعبارة اخرى : إنّ كلام الناقل حجّة للمنقول إليه ، بالنسبة إلى الأقوال التي وصل
إليها الناقل دونه ، ومؤيّد بالنسبة إلى ما وصل إليه المنقول إليه ـ أيضا ـ (مع الموافقة) ، وبيّن وجه التأييد بقوله : (لكشفه) ، أي : نقل الناقل (عن توافق النسخ) الموجودة عنده وعند المنقول إليه (وتقويته للنظر) ، أي : تقوية النقل لنظر المنقول إليه.