يثبت حجّيته ولو قلنا بحجّية خبر الواحد ؛ لأنّ التواتر صفة في الخبر تحصل بإخبار جماعة تفيد العلم للسامع ، ويختلف عدده باختلاف خصوصيّات المقامات ، وليس كلّ تواتر ثبت لشخص ممّا يستلزم في نفس الأمر عادة تحقّق المخبر به ، فإذا أخبر بالتواتر فقد أخبر بإخبار
____________________________________
يمكن تحصيلة عن حسّ من أقوال العلماء ، ثمّ ينقله بعنوان الإجماع يكون ممّا لا يستلزم قول الإمام عليهالسلام ، أو وجود دليل معتبر ، وما يستلزم قول الإمام لا يمكن تحصيله عن حسّ ليكون حجّة ، فلا ملازمة بين حجّية خبر الواحد وحجّية الإجماع المنقول ، ثم لا يكون الإجماع حجّة لا من باب نقل السبب ، ولا من باب نقل المسبب ، ومن هنا يظهر الكلام في نقل المتواتر ، كقول الناقل : قد ورد في الخبر المتواتر : (إذا كان الماء قدر كر لم ينجّسه شيء) (١) ، حيث لا يكون نقل التواتر حجّة ؛ لأنّ ناقل المتواتر كناقل الإجماع قد حصل له العلم من إخبار جماعة.
ومن المعلوم أنّه لا ملازمة عادة بين إخبار جماعة وبين صدور الحكم عن الإمام عليهالسلام ، كما كان الأمر كذلك في نقل الإجماع.
فالملخّص من الجميع : إنّه كما لا ملازمة بين حجّية خبر العادل وحجّية نقل الإجماع ، كذلك لا ملازمة بين حجّيته وحجّية نقل التواتر.
فالحاصل هو عدم حجّية الخبر بنقل التواتر كما أشار إليه المصنف بقوله : (وإنّ نقل التواتر في خبر لا يثبت حجّيته) فإنّ نقل التواتر لا يوجب حجّية الخبر المتواتر لما تقدم من عدم الملازمة بين إخبار الجماعة وبين صدور الحكم عن الإمام عليهالسلام. ويذكر السر في ذلك بقوله : (لأنّ التواتر صفة في الخبر تحصل بإخبار جماعة تفيد العلم للسامع ، ويختلف عدده باختلاف خصوصيّات المقامات).
وما ذكره المصنّف رحمهالله من كون (التواتر صفة في الخبر تحصل ... الخ) يتضح بعد تقديم مقدمة ، وهي :
إنّه لا بدّ من البحث في منشأ هذه الصفة في الخبر ، هل هو إخبار جماعة تفيد العلم للسامع سواء كانت مفيدة له أو للآخرين أم لا؟ كما يظهر من المصنّف رحمهالله ، فالمتواتر هو
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢ / ١. الاستبصار ١ : ٦ / ١ ، ٢ ، ٣.