الشهرة في الرواية الحاصلة بكون الرواية ممّا اتفق الكلّ على روايته أو تدوينه ، وهذا ممّا يمكن اتّصاف الروايتين المتعارضتين به.
ومن هنا يعلم الجواب عن التمسّك بالمقبولة ، وأنّه لا تنافي بين إطلاق المجمع عليه على المشهور وبالعكس ، حتّى تصرف أحدهما عن ظاهره بقرينة الآخر ، فإنّ إطلاق المشهور في مقابل الإجماع إنّما هو إطلاق حادث مختصّ بالاصوليّين ، وإلّا فالمشهور هو الواضح المعروف. ومنه : شهر فلان سيفه ، وسيف شاهر ، فالمراد أنّه يؤخذ بالرواية التي يعرفها جميع أصحابك ولا ينكرها أحد منهم ، ويترك ما لا يعرفه إلّا الشاذّ ولا يعرفها الباقي. فالشاذّ مشارك للمشهور في معرفة الرواية المشهورة ، والمشهور لا يشارك الشاذّ في معرفة الرواية الشاذّة. ولهذا كانت الرواية المشهورة من قبيل بيّن الرشد ، والشاذّ من قبيل المشكل الذي
____________________________________
المسألة ، حيث قال : (يا سيّدي إنّهما مشهوران) ، ومن المعلوم أنّ الشهرة في الفتوى لا يعقل تحقّقها في طرفيّ المسألة كما لا يخفى. ولكنّ الشهرة في الرواية ممّا يمكن اتصاف الروايتين المتعارضتين بها ؛ لأنّ المراد منها فيها هو اتّفاق المحدّثين جميعا أو أكثرا على تدوين الرواية في كتب الأحاديث ، فلا مانع من تحقّق الشهرة في كلتا الروايتين المتعارضتين بمعنى تدوينهم إيّاهما في كتب الأحاديث.
فالحاصل هو أنّ فرض السائل الشهرة في الطرفين يكون شاهدا على أنّ المراد من الموصول هو الشهرة في الحديث والرواية فقط ، فلا ترتبط بالمقام أصلا. هذا تمام الكلام في الجواب عن المرفوعة.
(ومن هنا يعلم الجواب عن التمسّك بالمقبولة) فإنّ التمسّك بالمقبولة ـ كما تقدم تفصيله ـ يكون مبتنيا على كون المراد من المجمع عليه في الموضعين هو المشهور الشامل للفتوى أيضا.
وقد علم من جواب المرفوعة أنّ المراد من المجمع عليه بأي معنى كان هو الرواية فقط ، بقرينة السؤال والجواب اللّذين يدوران مدار الرواية فقط.
فالمتبادر من قوله عليهالسلام : (فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه) هو الرواية فقط ، هذا مضافا إلى أنّه لا وجه لحمل المجمع عليه في الموضعين على المشهور ؛ لأنّ هذا الحمل يصح على فرض التنافي بينهما ، ولا تنافي بين المجمع عليه والمشهور في الرواية ، لأنّ المراد منهما