وممّا يدلّ على أنّ المخالفة لتلك العمومات لا تعدّ مخالفة ، ما دلّ من الأخبار على بيان حكم ما لا يوجد حكمه في الكتاب والسنّة النبويّة ، إذ بناء على تلك العمومات لا توجد واقعة لا يوجد حكمها فيهما.
فمن تلك الأخبار : ما عن البصائر والاحتجاج وغيرهما مرسلة عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : (ما وجدتم في كتاب الله فالعمل به لازم ، ولا عذر لكم في تركه ، وما لم يكن في كتاب الله تعالى وكانت فيه سنّة منّي فلا عذر لكم في ترك سنّتي ، وما لم يكن في سنّة منّي ، فما قال أصحابي فقولوا به ، فإنّما مثل أصحابي فيكم كمثل النجوم ، بأيّها اخذ اهتدي ، وبأيّ أقاويل أصحابي أخذتم اهتديتم ، واختلاف أصحابي رحمة لكم ، قيل : يا رسول الله ومن أصحابك؟ قال : أهل بيتي) (١) الخبر ، فإنّه صريح في أنّه قد يرد من الأئمّة عليهمالسلام ما لا يوجد في الكتاب والسنّة.
____________________________________
وجه التباين لا العموم والخصوص.
(وممّا يدلّ على أنّ المخالفة لتلك العمومات لا تعدّ مخالفة ، ما دلّ من الأخبار على بيان حكم ما لا يوجد حكمه في الكتاب ... إلى آخره).
وهذا الكلام من المصنّف رحمهالله يناسب أن يكون تتمّة ومؤيّدا للجواب الأول المذكور ، وكذلك ينسجم أن يكون مقدمة وموافقا للجواب الثاني ، فلا يكون جوابا مستقلا.
أمّا كونه مرتبطا ومؤيّدا للجواب الأول ، فيتضح بعد بيان ما هو المراد من المخالفة التي دلّت أخبار العرض على النهي عن الأخذ ، فنقول : إنّ المراد منها هو عدم الموافقة للكتاب الشامل لما يكون مخالفا له ، وما لا يوجد مضمونه فيه ، فكل خبر لا يوافق الكتاب يعدّ مخالفا ، فيجب طرحه بمقتضى أخبار العرض ، فيكون مراد من استدل بأخبار العرض على وجوب طرح المخالف هو هذا المعنى ، حيث جعل الملاك الموافقة.
ثم يقول المصنّف رحمهالله في الجواب الأول : ما يكون مخالفا على نحو العموم والخصوص لا يعدّ مخالفا ، فلا تشمله أخبار العرض ، وكذلك ما لا يوجد مضمونه في الكتاب لا يعدّ مخالفا ، والشاهد هو صدور الأخبار لبيان حكم ما لا يوجد حكمه في عمومات الكتاب ،
__________________
(١) بصائر الدرجات : ١١ / ٢. الاحتجاج ٢ : ٢٥٩ / ٢٣٠. بحار الأنوار ٢ : ٢٢٠ / ١.