وأمّا الثانية ، فيمكن حملها على ما ذكر في الاولى ، ويمكن حملها على صورة تعارض الخبرين كما يشهد به مورد بعضها ، ويمكن حملها على خبر غير الثّقة ، لما سيجيء من الأدلّة على اعتبار خبر الثّقة.
هذا كلّه في الطائفة الدالّة على طرح الأخبار المخالفة للكتاب والسنّة.
أمّا الطائفة الآمرة بطرح ما لا يوافق الكتاب أو لم يوجد عليه شاهد من الكتاب والسنّة ، فالجواب عنها ـ بعد ما عرفت من القطع بصدور الأخبار غير الموافقة لما يوجد في الكتاب منهم عليهمالسلام ، كما دلّ عليه روايتا الاحتجاج (١) والعيون (٢) المتقدمتان المعتضدتان
____________________________________
والتجسيم وغيرها ، ممّا علم بالضرورة عدمه من الدين ، فتكون هذه المسائل من المسائل التي ورد في نفيها الآيات ، فتكون الأخبار الدالّة على إثباتها مخالفة للكتاب فيجب طرحها ، ثم إنّ المراد من الجوامع في كلام المصنّف رحمهالله هو الكتب الأربعة ، والمراد من الاصول هو الاصول المعروفة بالأربعمائة.
ثمّ القسم الثاني ، وهو ما يدل على عدم تصديق ما يخالف الكتاب يمكن أن يحمل على ما حمل به القسم الأول ، ويمكن أن يحمل على مورد تعارض الخبرين ؛ فإنّ بعض ما دل على طرح ما يخالف الكتاب ورد في باب التعارض ، ويمكن أن يحمل على خبر غير الثقة ، وعلى جميع التقادير لا يصح الاستدلال بأخبار العرض على عدم حجّية أخبار الآحاد على نحو السلب الكلّي ، كما هو المدّعى.
هذا تمام الكلام في الجواب عن الاستدلال بأخبار العرض الدالة على طرح الأخبار المخالفة للكتاب والسنّة.
(وأمّا الطائفة الآمرة بطرح ما لا يوافق الكتاب أو لم يوجد عليه شاهد من الكتاب) فيمكن الجواب عنها :
أولا : بنفس الجواب عن الأخبار الدالة على طرح المخالف للكتاب ، وذلك ؛ لأنّ معنى ما لا يوافق الكتاب هو ما يخالف الكتاب عند العرف ، فيجري فيها ما جرى فيها من الجواب والحمل.
__________________
(١) الاحتجاج ٢ : ٢٥٩ / ٢٣٠.
(٢) عيون الأخبار ٢ : ٢١ / ٤٥.