«وتحقيق المقام يقتضي ما ذهب اليه.
فإن قلت : قد عزلت العقل عن الحكم في الاصول والفروع ، فهل يبقى له حكم في مسألة من المسائل؟
____________________________________
ومن هذا البيان يظهر ثبوت الهيولى ، ويظهر صحة ما ادّعاه المشّاءون من أنّ تفرّق ماء كوز إلى كوزين إعدام لشخصه ، وإحداث لشخصين آخرين.
والإشراقيون ادّعوا البداهة في أن تفرق ماء كوز إلى كوزين ليس إعداما للشخص ، بل هو باق ، وإنّما انعدمت صفة من صفاته ، وهذه الدعوى منهم مبنيّة على أن يكون المراد من الاتّصال في الجسم هو الاتّصال العرضي الذي هو من مقولة الكم ، فيرجع النزاع إلى كونه لفظيا ولكن على تقدير عدم كون النزاع لفظيا يكون أحد القولين خطأ ، مع أنّهما قد ادّعيا البداهة ، فيكون هذا الخطأ شاهدا على أنه لم يكن في المنطق قانون يعصم من الخطأ في مادة الفكر.
(وتحقيق المقام يقتضي ما ذهب إليه).
قد وافق المحدّث الجزائري المحدّث الأسترآبادي حيث قال في شرح التهذيب بعد ذكره كلام المحدّث الأسترآبادي : وتحقيق المقام يقتضي ما ذهب اليه ، ولكن يكون المحدّث الجزائري بعد اعتباره ما اعتبره المحدّث السابق مخالفا له في موضعين :
أحدهما : اعتباره حكم العقل في البديهيات ، وإن لم يكن ثبوتها من الشرع ضروريا ، بخلاف المحدّث الأسترآبادي حيث قال بانحصار الدليل في غير الضروريات الدينية بالسماع عن الصادقين عليهمالسلام فتكون النسبة بينهما عموما من وجه ، مادة الاجتماع هو اعتبار النقل في غير الضروريات الدينية ، ومادة الافتراق عن جانب المحدّث الأسترآبادي هو عدم اعتبار حكم العقل في الأحكام الشرعيّة مطلقا ، ومادة الافتراق عن جانب المحدّث الجزائري هو اعتبار حكم العقل في البديهيات وإن لم يكن ثبوتها من الشرع ضروريا.
وثانيهما : تقديم المحدّث الجزائري حكم العقل المعاضد بالنقل على النقل المعارض له ، بخلاف المحدّث الأسترآبادي حيث يقول بتقديم الحكم النقلي على العقلي مطلقا.
(فإن قلت : قد عزلت العقل عن الحكم ... إلى آخره).
وحاصل الإشكال : إنّك قد أسقطت العقل عن الحكم في الاصول والفروع مع أنّه حجّة