ووجه الاستشكال في تقديم الدليل النقلي على العقلي الفطري السليم ما ورد من النقل المتواتر على حجيّة العقل ، وأنّه حجّة باطنة ، وأنّه ممّا يعبد به الرحمن وتكتسب به الجنان ونحوها ، ممّا يستفاد منه كون العقل السليم ـ أيضا ـ حجّة من الحجج ، فالحكم المنكشف به حكم بلّغه الرسول الباطني ، الذي هو شرع من داخل ، كما أنّ الشرع عقل من خارج.
وممّا يشير إلى ما ذكرنا من قبل هؤلاء ، ما ذكره السيّد الصدر رحمهالله ، في شرح الوافية في جملة الكلام له في حكم ما يستقلّ به العقل ، ما لفظه : «إنّ المعلوم هو أنّه يجب فعل شيء أو تركه ، أو لا يجب إذا حصل الظنّ أو القطع بوجوبه أو حرمته أو غيرهما من جهة نقل قول المعصوم عليهالسلام ، أو فعله أو تقريره ، لا أنّه يجب فعله أو تركه أو لا يجب مع حصولهما من أيّ طريق كان» انتهى موضع الحاجة.
____________________________________
عقلي ، والعقل يحكم مطلقا بوجوب الإطاعة سواء كان حكم الشرع مستكشفا من النقل أو العقل ، فلا يختصّ وجوب الإطاعة بما إذا كان حكم الشرع ببيان أهل العصمة عليهمالسلام.
قوله : (ووجه الاستشكال في تقديم النقلي على العقلي الفطري) دفع لما يمكن أن يقال : من أن مقتضى هذه الأخبار عدم اعتبار العقل مطلقا وإن كان فطريا ، فعلى هذا لا إشكال في تقديم النقلي على الفطري ، فكيف استشكل البحراني على تقديم النقلي عليه؟
وحاصل الدفع : أن وجه الاستشكال (ما ورد من النقل المتواتر على حجّية العقل ... إلى آخره) ومنها ما تقدّم من أن لله حجّتان ظاهرية وهو الرسول ، وباطنية وهو العقل ، وكل واحدة منهما تسمّى بالرسول ، والعقل ، والشرع.
(وممّا يشير إلى ما ذكرنا من قبل هؤلاء ما ذكره السيّد الصدر رحمهالله في شرح الوافية) يعني ما ذكرنا عن جانب الأخباريين ليس منّي ، بل هو مستفاد من كلامهم.
ويشير إليه السيد الصدر في شرح الوافية ، حيث قال : إن المعلوم من الأخبار هو أنّه يجب فعل شيء كالصلاة مثلا أو تركه كشرب الخمر مثلا ، أو لا يجب كالمستحبات والمكروهات والمباحات إذا حصل الظن أو القطع بوجوبه أو حرمته أو غيرهما من جهة نقل قول المعصوم أو فعله أو تقريره ، لا أنه يجب فعله أو تركه ، أو لا يجب مع حصولها من أيّ طريق كان ، أي : ولو حصل من طريق العقل ، فالمستفاد من هذا الكلام عين ما ذكره المصنّف رحمهالله من قبلهم.