يكن الحجّة واسطة في تبليغه لم يجب امتثاله ، بل يكون من قبيل : (اسكتوا عمّا سكت الله عنه) (١) فإنّ معنى سكوته عنه عدم أمر أوليائه بتبليغه حينئذ ، فالحكم المنكشف بغير واسطة الحجّة ملغى في نظر الشارع وإن كان مطابقا للواقع ، كما يشهد به تصريح الإمام عليهالسلام بنفي الثواب على التصدّق بجميع المال ، مع القطع بكونه محبوبا ومرضيّا عند الله.
____________________________________
الوجه الأول أصلا.
ولعلّ تركه التعرض للوجه الأول ؛ إمّا لبعده عن ظاهر كلام الأخباريين ، فإنّ ظاهره نفي حجّية العقل وعدم تنجّز الواقع بإدراكه القطعي ، لا بيان تقيّد الواقع ببيان أهل العصمة عليهمالسلام ، وإمّا لوضوح بطلانه لاستلزامه الدور الباطل ، وذلك لتوقّف وجود الحكم الواقعي على بيان أهل العصمة عليهمالسلام لفرض عدم وجود انشاء الحكم من الله تعالى في الواقع قبل بيانهم.
ومن المعلوم أنّ بيانهم وتبليغهم موقوف على سبق وجود الحكم الواقعي ، لفرض كونهم مبلّغين عن الله تعالى.
فالحاصل أنّ هذا الاحتمال يكون باطلا لأحد الأمرين فلذا تركه المصنّف رحمهالله.
ويمكن أن يقال في تقريب الوجه الثاني : إن القطع الحاصل عن بيان أهل العصمة عليهمالسلام قد أخذ موضوعا لوجوب امتثال وإطاعة الأحكام الواقعية ، وتقدّم في الفرق بين القطع الطريقي والموضوعي أن القطع المأخوذ في موضوع حكم تابع لدليل ذلك سعة وضيقا ، فإذا دل الدليل على أن القطع المأخوذ في الموضوع خاص من حيث السبب كان متبعا.
وفي المقام أن المستفاد من هذه الأخبار أنّ القطع المأخوذ في موضوع وجوب الإطاعة خاص من حيث السبب ، أي : القطع الحاصل عن تبليغ وبيان المعصومين عليهمالسلام ، فإذا حصل من العقل لا يكون حجّة أصلا ، فصحّ ما ذهب إليه الأخباريون من عدم اعتبار القطع الحاصل من المقدمات العقلية.
والجواب عن هذا التقريب أن يقال : إن العلم ليس مأخوذا في موضوع وجوب الإطاعة لأن الحاكم بوجوب الإطاعة هو العقل لا الشرع ، لاستلزامه الدور كما هو مبيّن تفصيلا في الكفاية ، فوجوب الإطاعة لا يكون من الشارع حتى يأخذ العلم في موضوعه ، بل حكم
__________________
(١) غوالي اللآلئ ٣ : ١٦٦ / ٦١.