عليكم أن تقولوا بشيء ما لم تسمعوه منّا) (١) وقولهم عليهمالسلام : (ولو أنّ رجلا قام ليله وصام نهاره وحجّ دهره وتصدّق بجميع ماله ، ولم يعرف ولاية وليّ الله ، فتكون أعماله بدلالته فيواليه ، ما كان له على الله ثواب) (٢) وقولهم عليهمالسلام : (من دان الله بغير سماع من صادق فهو كذا وكذا) (٣) إلى غير ذلك ، من أنّ الواجب علينا هو امتثال أحكام الله تعالى التي بلّغها حججه عليهمالسلام فكلّ حكم لم
____________________________________
هذا هو الوجه الثاني الذي يمكن أن يستدل الأخباريون به. يذكر المصنّف رحمهالله هذا الوجه بعنوان : إن قلت ، بعد فراغه عن إبطال الوجه الأول ، والمحتمل من هذه الأخبار على تقدير دلالتها على عدم جواز الاعتماد على الحكم العقلي القطعي وجوه ، كما يظهر بعض هذه الوجوه من جواب المصنّف رحمهالله :
أحدها : أن يكون المقصود منها بيان تقييد الأحكام الواقعية بتبليغ الحجّة بأن لا يكون هناك حكم واقعي أوّلي أصلا قبله.
ثانيها : أن يكون المقصود منها بيان مدخليّة توسّط تبليغ الحجّة في وجوب إطاعة حكم الله تعالى ، بأن كانت الأحكام باقية على إطلاقها الّا أنّ تنجّز التكليف بها موقوف على تبليغ الحجّة ، فلا تجب إطاعتها قبله وإن قطع العقل بها.
ثالثها : أن يكون المقصود بيان مدخليّة بلوغ ما بلّغه الحجّة إلينا في تنجّز التكليف بالواقع ، سواء كان بلوغه بطريق القطع أو الظن ، والفرق بين هذا الوجه والوجه الثاني أن مفاد الوجه الثاني هو كفاية صدور الأحكام عن أهل العصمة في تنجّز التكليف ، هذا بخلاف الوجه الثالث حيث توقف تنجّز التكليف فيه على تبليغ الحجّة ، وصدور الحكم عنه مع بلوغه إلينا بواسطة الحجّة ، فتنجّز التكليف يتوقف على تبليغ أهل العصمة وصدور الأحكام عنهم مع بلوغها إلينا بواسطتهم.
والمستفاد من جواب المصنّف رحمهالله هو الوجه الثاني والثالث ، حيث يكون قوله : «أولا : نمنع ... إلى آخره» وقوله : «وثانيا : سلمنا ... إلى آخره» ردّا وناظرا إلى الوجه الثاني ، وقوله في ذيل الجواب الثاني : «الّا أن يدّعى» ناظرا إلى تقريب الوجه الثالث ، ثم ردّه ولم يتعرض
__________________
(١) الكافي ٢ : ٤٠٢ / ١ ، وفيه : (شرّ) بدل (حرام).
(٢) الوسائل ٢٧ : ٤٢ ، أبواب صفات القاضي وما يجوز أن يقضي فيه ، ب ٦ ، ح ١٣ ، بتفاوت يسير.
(٣) الكافي ١ : ٣٧٧ / ٤ ، بالمعنى.