القطّاع أو احتمل أن يكون حجّيّة قطعه مشروطة بعدم كونه قطّاعا ـ بأنّه يشترط في حجّيّة القطع عدم منع الشارع عنه وإن كان العقل ـ أيضا ـ قد يقطع بعدم المنع ، إلّا أنّه إذا احتمل المنع يحكم بحجيّة القطع ظاهرا ، ما لم يثبت المنع.
وأنت خبير بأنّه يكفي في فساد ذلك عدم تصوّر القطع بشيء وعدم ترتيب آثار ذلك الشيء عليه ، مع فرض كون الآثار آثارا له.
____________________________________
رابعها : أن يحتمل المنع شرعا.
ففي الصورتين الاولتين يحكم العقل بحجّية القطع ، وفي الأخيرتين لا يحكم بالحجّية ، فلا يكون حجّة. ووجه عدم الحجّية فيهما أنّه يشترط في حجّية القطع عدم المنع شرعا ، والمفروض أنّه يعلم المنع أو يحتمله.
وقد أشار المصنّف رحمهالله إلى الصورتين الأخيرتين بقوله :
(بعد تقييده بما إذا علم القطّاع أو احتمل أن يكون حجّية قطعه مشروطة بعدم كونه قطّاعا ... إلى آخره).
فإذا احتمل المنع لا يجوز العمل بالقطع ، وأمّا قطع غير القطّاع فالعقل يحكم بالحجّية لأنّه يقطع بعدم المنع شرعا ، الّا أنه إذا احتمل المنع يحكم بحجّية القطع ظاهرا ما لم يثبت المنع.
(وأنت خبير) بالفساد فيما اختاره صاحب الفصول من أنّ حجّية القطع مشروطة بعدم منع الشارع ، ووجه الفساد أنّ المراد بالقطع المبحوث عنه هو الطريقي لا القطع الموضوعي ، وقد تقدّم في أول القطع أنّ حجّية القطع الطريقي ذاتية لا تقبل الجعل إثباتا أو نفيا ، فلا يمكن أن يمنع الشارع عن العمل به حتى تجعل حجّيته مشروطة بمنع من الشارع.
فما ذكره صاحب الفصول من التوجيه لا يرجع إلى محصّل صحيح ، والعجب منه أنّه شبّه مسألة القطّاع بما إذا قال المولى لعبده : لا تعتمد في معرفة أوامري على ما تقطع به من قبل عقلك ، أو يؤدي إليه حدسك ، بل اقتصر على ما يصل إليك منّي بطريق المشافهة ، والمراسلة وهذا التشبيه والاستشهاد بالمثال المذكور باطل ، وبطلانه أوضح من الشمس ، لأن الكلام في المقام إنّما هو في القطع الطريقي.